[هود: ٤٦] برفع عمل ونحوه مما لا يلي [ق: بعضه] بالأنبياء، وعلى كل حال فلا بد [في هذه] القضية من استعمال المجاز في أهلك، أو تخصيص عمومه بالابن المذكور، أو تجوز نوح بولده/ [٢٣٣/ل] عن ابن امرأته، فيحتج بها على استعمال المجاز والتخصيص في الكلام.
﴿فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [هود: ٤٦] كأن نوحا لما قال: ﴿وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ [هود: ٤٥] كان ذلك [نوع اعتراض منه أو تذكيرا لمن لا ينسى]؛ لأن الله-عز وجل-قد حكم بإنجاء أهله، فحكمه لا يتغير، فلا فرق بين شفاعة نوح في ابنه وعدمها، فلذلك قوبل بهذا الكلام الذي يصعب موقعه فيقال: إن نوحا بكى من هذا الكلام دهرا طويلا.
[﴿تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (٤٩) [هود: ٤٩] سبقت دلالتها على النبوة في «آل عمران».]
﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (٥٦) [هود: ٥٦] [زعم الاتحادية أن معنى ذلك سريانه-عز وجل- بذاته في العالم، حتى في الدواب، فلذلك أخذ بنواصيها؛ لأنه الذي يحركها ويتحرك فيها].
[ولذلك زعم ابن العربي في «الفصوص» أن هودا أعلم الأنبياء وأعرفهم بسر الإلهية لأجل هذا الكلام] ومعنى الآية عند علماء التوحيد أنه [عز وجل] لما فطر الدواب على طباع لا مخرج لها عن مقتضاها كان من حيث القدرة آخذا [بنواصيها]، وبحيث لا تتحرك إلا بمقتضى ما طبعها وفطرها عليه، كذا قال الحكيم الترمذي في بعض كتبه.
﴿وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاِتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ﴾ (٥٩) [هود: ٥٩] لما كان دين الأنبياء واحدا في التوحيد وكلمتهم واحدة، كان عصيان الواحد منهم كعصيان جميعهم، وإلا فعاد ما عصوا بالحقيقة إلا من أرسل إليهم، وهو هود وحده.
﴿فَلَمّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ (٧٤) [هود:
٧٤] فيه جواز الجدال حتى مع الأكابر ومن فوق رتبة الشخص إذا لم يعد ذلك إهانة لهم، ولم يثر فتنة أو مفسدة راجحة كجدال إبراهيم ربه، وقد أمرنا باتباع ملته.