أحب أن يرى القيامة رأي عين فليقرأ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ (١) [التكوير: ١] (١).
ونظير هذه الكلمة قوله-عز وجل-لموسى وهارون: ﴿قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٨٩) [يونس: ٨٩] وفي وصف الأولياء ﴿إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (٣٠) [فصلت: ٣٠].
﴿فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (١١٢) [هود: ١١٢] أي وليستقم من تاب معك كما أمر، وهو أمر بالاستقامة لجميع الأمة، ولن يقوم بذلك إلا معان موفق.
﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ﴾ (١١٤) [هود: ١١٤] يحتج به من قال بالمحابطة والمقاصة بين الحسنات والسيئات، ومعناه: أنهما إن استويا تساقطا أو حبط أحدهما بالآخر، وإن تفاوتا سقط القدر المشترك من الطرفين وبقي الزائد له أو عليه، وهذا مقتضى العدل ووضع الموازين القسط.
نعم الحسنات والسيئات فيهن كبائر وصغائر، فالصغيرة تسقط بمثلها وكذا الكبيرة، أما الصغيرة مع الكبيرة إذا تقابلتا فالسيئة الكبيرة تسقط الحسنة الصغيرة، وأما العكس ففيه نظر، إلا أن يتفضل الله-عز وجل-ويسامح.
وهذا كله إذا صح الأساس وهو الإيمان، أما مع الكفر فلا توجد الحسنة، وإن وجدت عادت هباء منثورا.
﴿فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاِتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ﴾ (١١٦) [هود: ١١٦] تضمنت الذم لأكثر القرون الخالية على ترك إنكار المنكر، وذلك يقتضي وجوبه ونجاة فاعله وهلاك تاركه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من أصول الإسلام ومهمات الدين.


الصفحة التالية
Icon