﴿فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ [يوسف: ٤٢] إنساء الشيطان بوسوسته، والشيطان ووسوسته من قدر الله-عز وجل-وأسبابه المقدرة، فإلى ربك المنتهى في كل شيء، وإليه يرجع الأمر كله.
﴿قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تَأْكُلُونَ﴾ (٤٧) [يوسف: ٤٧] قيل: معناه ازرعوا، فهو خبر بمعنى الأمر، أو أمر بلفظ الخبر، وقيل: هو خبر لفظا ومعنى، ففيه إذن جواز إطلاق الخبر بتأويل الرؤيا على تقدير صدقها، ولا يشترط أن يقول: إن صدقت رؤياك يكون كذا وكذا، ولا يكون مسيئا بترك ذلك، كما قال بعض المعبرين.
﴿وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ (٥٨) [يوسف: ٥٨] يستشهد به الشيعة في غيبة الإمام، وأنه موجود ولكن أكثر الناس لا يعرفونه، وإن رأوه كما أن إخوة يوسف رأوه فعرفهم ولم يعرفوه، وهو قياس تمثيل لا يفيد عندهم في الفرعيات، فما الظن بالدينيات.
﴿وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَاُدْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (٦٧) [يوسف: ٦٧] قيل: خشي عليهم من العين؛ لأنهم كانوا ذوي رواء حسن، فخاف عليهم، وهي الحاجة التي كانت في نفسه، فقضاها، وقد أثنى الله-عز وجل-عليه بذلك، فقال: ﴿وَلَمّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٦٨) [يوسف: ٦٨] ووافق ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم «العين حق» (١)، فاتفق على ذلك شرعنا وشرع من قبلنا، فتأكد حكمها، وفي كيفية الإصابة بالعين خلاف؛ فقيل: هو سم ينفصل عن العين لخبث [في النفس]؛ فيتصل الشي مع الشعاع البصري، فيغيره.
وقيل: وهم قوة نفس تنفعل له الأجسام العنصرية، كانفعال الحديد للمغناطيس،


الصفحة التالية
Icon