وحجة الجمهور على أن الحرام من رزق الله-عز وجل-كالحلال-عموم الآيات-:
﴿*وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ﴾ (٦) [هود ٦].
و﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (٦٠) [العنكبوت: ٦٠].
﴿إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ (٥٨) [الذاريات: ٥٨].
﴿لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاُشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (١٥) [سبأ: ١٥] مع قضاء العادة بأنهم لم يسلموا من أكل الحرام؛ أعني: قوم سبأ، مع كثرتهم وكفرهم. ولأن الحلال لو كان شرطا في رزق الله-عز وجل-لما كانت البهائم في رزقه، إذ لا حلال في حقها ولا ملك لها.
قوله-عز وجل-: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ (٤) [البقرة: ٤] هذه من مسائل الكتب، وهي تقتضي صحة الكتب المنزلة على الأنبياء لا الكتب المحرفة المبدلة؛ كالتوراة التي بأيدي اليهود، والإنجيل الذي بأيدي النصارى؛ إذ الإيمان بما ليس بصحيح لا يمدح أهله. ولم يرد الأمر قط إلا بالمنزل؛ لأنه سالم عن التحريف. / [١٧/ل] و ﴿*وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (٤٦) [العنكبوت: ٤٦].
وتقتضي أيضا أن كلام الله-عز وجل-وكتبه المنزلة متساوية في الإيمان بها، وإن تفاوتت في الأحكام والشرائع، ويتعلق بهذا بحث وكلام يذكر بعد، إن شاء الله عز وجل.
قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ (٤) [البقرة: ٤] يتعلق بأحكام اليوم الآخر. وهو يقتضي مدح المؤمن به، وله تفاصيل. [٩ أ/م].
قوله تعالى: ﴿أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (٥) [البقرة: ٥] هذه من مسائل القدر، يحتج به الجمهور على أن هدى المهتدين من الله؛ أي: بفضله وخلقه.