﴿وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ (٧١) [النحل: ٧١] شاهد على التوحيد وتقريره: أن الله-عز وجل-فضل السادة على العبيد في الرزق، ثم إن السادة لا يردون من فضل رزقهم على عبيدهم بحيث يشاركونهم ويساوونهم فيه والأصنام، وسائر الآلهة التي يدعونها مع الله-عز وجل-عبيد له ومملوكون، فلا ينبغي لكم أن تشركوهم في عبادته التي اختص بها كما [٢٥٧/ل] لا تشركون عبيدكم في فضل رزقكم، وهذا دليل قياسي في التوحيد؛ فيدل على جواز استعمال القياس في الفروع بطريق أولى خلافا للظاهرية.
﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ (٧٣) [النحل: ٧٣] دليل آخر على التوحيد، وتقريره: أن الإله هو الرازق، وآلهتكم لا شيء منها برازق، فلا شيء من آلهتكم بإله، وهو واضح.
﴿إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاُعْبُدُوهُ وَاُشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (١٧) [العنكبوت: ١٧].
﴿* ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٧٥) [النحل: ٧٥] دليل آخر على التوحيد، وتقريره أن الله-عز وجل-غني له ملك السماوات والأرض، وآلهتكم عبيد فقراء، فلا يساوونه في رتبة الإلهية، ولا يستحقون معه صفة المعبودية، كما لا يستوي العبد الفقير منكم والموسر الذي ينفق من يساره سرا وجهرا.
ويحتج بهذه على أن العبد لا يملك بالتمليك، لأن الفقر جعل وصفا له لازما في دليل التوحيد؛ فلا يجوز زواله، كما لا يزول التوحيد.