صرحت به/ [١٢٦ أ/م] النصوص فوجب القول به.
واحتجوا بأن العقاب إما للطائع وهو غير مناسب، أو للعاصي، وهو إما لا لفائدة وهو عبث، أو لفائدة، وهي إما لله-عز وجل-وهو غني عما سواه، أو للمكلف فهي إما في الدنيا وقد انقطعت فصارت عدما، أو في الآخرة وهو باطل؛ لأن العقاب ضرر محض مناف للفائدة، فثبت أن العقاب باطل لبطلان جميع أقسامه وأحواله.
وجوابه من وجوه:
أحدها: أن هذا مخالف للنصوص القاطعة وإجماع العلماء، فلا يلتفت إليه ولا يعارض القاطع.
الثاني: أن العقاب لفائدة وحكمة استأثر الله-عز وجل-بها، ولا نسلم أن العقاب ينافي الفائدة، كما في تأديب الصبي ونحوه.
الثالث: أن العظمة الإلهية لذاتها تقتضي العقاب على المعصية.
الرابع: أن ما ذكرتموه منتقض بآلام الدنيا ومصائبها ومحنها، هي ضرب من العذاب، وهي إما للطائع أو العاصي إلى آخر ما ذكرتم، فيلزم أن تكون منتفية، وهو باطل، لا يقال: محن الدنيا تعوض عنها بخلاف عقاب الآخرة؛ لأنا نقول: العوض عندنا غير لازم، بل لله-عز وجل-أن يؤلم ويهلك ويمتحن بما شاء من غير تعويض، وحينئذ جوابكم عن بلاء الدنيا هو جوابنا عن عذاب الآخرة.
﴿وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْياناً كَبِيراً﴾ (٦٠) [الإسراء: ٦٠] يحتج به الجمهور على أن الله-عز وجل-يريد ويقصد فتنة بعض الناس وإضلاله، وينصب لهم شراك ذلك، وهذه الرؤيا هي رؤيا النبي صلّى الله عليه وسلّم شجرة الزقوم في النار، فأخبر بها الكفار، فكذبوا وقالوا: النار تأكل الشجر، فلا يكون فيها شجر، وهو غلط منهم، لجواز أن يخلق في النار ضعف عن أكل الشجرة، أو في الشجرة قوة على الثبات في النار؛ وهذا السمندل طائر يعيش في النار، فالشجرة أولى.
والشجرة الملعونة في القرآن هي عند الجمهور شجرة الزقوم، كما ثبت في الحديث، وعند الشيعة هي شجرة بني أمية لما صدر عنهم من قطع أرحام بني عبد المطلب، وقاطع الرحم ملعون بالنص والإجماع، ولما ورد في السّنّة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم توفي وهو غير راض عن ثقيف وبني حنيفة/ [٢٦٧/ل] وبني أمية.