﴿قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمْتَ رُشْداً﴾ (٦٦) [الكهف:
٦٦] فيه استحباب طلب العلم حتى للعالم زيادة على ما عنده والسفر في طلبه وسؤال المشايخ الصحبة لذلك، اقتداء بموسى عليه السّلام.
﴿قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾ (٦٧) [الكهف: ٦٧] الآيتين، فيه جواز الإعراض عن صحبة المريد والتلميذ إذا علم أن الطريق صعب عليه، وطي الأسرار عنه لذلك والاقتصار به/ [١٣١ ب/م] على ما يطيق من ذلك الطريق، اقتداء بالخضر، وهو من سياسة المشايخ والعلماء للمريدين والطلبة. وفي الأثر. «حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله» (١).
﴿قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً﴾ (٦٩) [الكهف: ٦٩] فيه استحباب تعليق الأمور المطلوبة والأراجي ونحوها بالمشيئة، احترازا من التالي المكذب اقتداء بموسى-عليه السّلام-وبما سبق في أوائل السورة.
فإن قيل: موسى علق صبره على المشيئة ولم يصبر، وسليمان ترك التعليق في رجاء حصول الأولاد للجهاد فلم يحصلوا؛ فقد استوى التعليق وعدمه، فما فائدته؟ وجوابه: أن التعليق بالمشيئة ليس موجبا لحصول المطلوب، كيف وأن مقتضاه الترديد بين أن يشاء الله فيفعل أو لا يشاء فلا يفعل؟ وإنما فائدته أن الإنسان إذا تأدب مع الله-عز وجل- بتعليق الأمور بمشيئته وتقييدها بإرادته، كان أجدر بحصول مراده وأمنيته، على أنا لا نسلم أن موسى لم يحصل له ما علق على المشيئة، فإنه كان نبيا ذا كتاب وشريعة، وهو إمام عدل وحق يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأنه لما رأى الخضر قد خرق سفينة قوم مساكين، وقتل غلاما لم يبلغ الحلم أخذ برجل الخضر ليلقيه في البحر فيقتله بالغلام، فلولا أن الله-عز وجل-ثبته وصبره لكان قد أمضى ما هم به من قتل الخضر كما قتل القبطي بوكزه، فالصبر المهم قد حصل وأفاد تعليقه بالمشيئة، ولعله لولا ذلك لم يصبر ولكان قد قتل الخضر.
﴿قالَ فَإِنِ اِتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً﴾ (٧٠) [الكهف:
٧٠] فيه استحباب تأديب المشايخ للمريدين بالوصايا الحسنة من ترك الاعتراض ونحوه،


الصفحة التالية
Icon