[طه: ٦٦] يحتج به من يرى السحر خيالا لا حقيقة له، لقوله: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ، ﴾ المشهور والمشهور أن له حقيقة في الخارج؛ لأنه يقتل، ولا شيء مما يقتل بخيال، أو لا حقيقة له، وقد أوجب جماعة من أهل العلم منهم الشافعي وأحمد القصاص في القتل بالسحر عمدا، ولولا أن له حقيقة لما فعلوا، وقد يقال: إن الخيال/ [١٣٥ ب/م] والوهم قد يغلبان فيقتلان ولا حقيقة لهما خارجية، ويجاب بأن القتل أثر وجودي خارجي، والأثر الوجودي استحال أن يكون مؤثره عدميا لاستحالة تأثير العدم في الوجود.
﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى﴾ (٦٧) [طه: ٦٧] قيل: خاف أن يفتتن الناظرون بذلك السحر، ويلتبس الأمر عليهم فلا يتبين الحق أو لا يتمحض، وقيل: لما أراد السحرة الإلقاء سمع موسى هاتفا يقول: ألقوا يا أولياء الله، فخاف أن يكون ممكورا به، وأن العناية [بخصمه] دونه، وإنما سموا أولياء الله باعتبار مآل حالهم كما وقع.
﴿وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتى﴾ (٦٩) [طه: ٦٩] خبر وحكم عام بعدم فلاحه في الدنيا والآخرة ما لم يتب، ومن ثم كان الساحر شبيها بالشيطان خاسئا [مذموما] مدحورا قبيح السمعة سيئ الحالة والقالة.
﴿قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى﴾ (٧١) [طه: ٧١] قيل: أي: على جذوع النخل، وقيل: هي ظرفية على أصلها لتمكن المصلوب على الجذع تمكن المظروف على الظرف.
﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى﴾ (٧٧) [طه: ٧٧] وهو من معجزاته، ضرب البحر بعصاه فامتنع، فأوحي إليه أن أكنه، فكناه، وقال: انفلق أبا خالد، وهى كنية البحر، ﴿فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ (٦٣) [الشعراء: ٦٣] وظهرت أرض البحر يابسة ويعايا بها، فيقال: ما أرض لم تر الشمس إلا مرة واحدة؟ ! وهي هذه.