[طه: ١٠٠]، فيه إيجاب الإيمان بالقرآن واتباعه بدليل الوعيد على الإعراض عنه، وفيه/ [٢٩١/ل] وفيما بعده إثبات القيامة والصور والمحشر ونحوه من أحكام اليوم الاخر.
﴿وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً﴾ (١١٣) [طه: ١١٣] يحتج به من رأى أن لا معرب في القرآن، وهو ما أصله أعجمي ثم عرب، وإلا لما كان جميع القرآن عربيا، وهو خلاف ظاهر الاية.
وأجيب بأن الاية عام مخصوص بما ثبت تعريبه: كالسجيل والقسطاس والمشكاة ونحوه، أو عام أريد به الخاص، وهو أكثره، أي: وكذلك جعلنا أكثر القرآن عربيا، أو لأن المعرب فيه استولى عليه لسان العرب فصار عربيا حقيقة أو حكما، كما أن إبليس وإن كان من الجن غلب عليه حكم الملائكة، حتى تناوله أمرهم بالسجود لادم، والشيء قد ينتقل عن حكمه الأصلي بالغلبة الطارئة عليه.
﴿فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ (١١٤) [طه: ١١٤] دليل على شرف العلم، وأنه إنما يحصل بتعليم الله-عز وجل-كشفا أو إلهاما أو توفيقا لأسباب التعلم، وهذا من خواص العلم على المال؛ إن العلم تحمد الزيادة منه.
﴿وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ (١١٥) [طه: ١١٥] أي: ترك العهد، وقيل: هو نسيان حقيقي، ورد بأنه لو كان كذلك لما عصي، ولا عوقب لرفع حكم النسيان في موجب العدل.
﴿وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ (١١٥) [طه: ١١٥] أي: على رعاية العهد، وحفظه، كقوله: ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ﴾ [الأعراف: ١٠٢].
﴿فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى﴾ (١١٧) [طه: ١١٧] إشارة إلى تحمل الرجل مؤونة المرأة، لتخصيصه بالشفاء دونها، ولم يقل:
فتشقيا، وهذا شبيه بدلالة المفهوم وهو اختصاص الشيء بالحكم لتخصيصه بالذكر.
﴿إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى﴾ (١١٨) [طه: ١١٨] قرن بينهما؛ لأن الجوع عري الباطن وخلوه، كما أن عدم الثياب عري الظاهر.