يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣) [الزمر: ٢٣] والأشبه أن النبوة نعمة مرتبة على طاعة وتزكية اقتضاها التوفيق، وإلا لجاز أن ينالها الشيطان وأنه بعيد.
﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ (٩٨) [الأنبياء: ٩٨].
لما نزلت قال عبد الله بن الزبعرى: «يا محمد، فقد عبدت الملائكة والمسيح أفتراهم حصب جهنم؟ ! فيقال: إنه نزل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ (١٠١) [الأنبياء: ١٠١] مخصصة للعموم المذكور، ويقال إنه صلّى الله عليه وسلّم قال لابن الزبعرى: «ما أجهلك بلسان قومك، إنما قال الله-عز وجل-: ﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ (٩٨) [الأنبياء: ٩٨] ولم يقل: ومن «تعبدون» يعني أن «ما» لما لا يعقل، فلا يتناول العقلاء كالملائكة والمسيح وهذا أحسن الجوابين، ولعلهما اجتمعا بمنع ورود السؤال ثم تسليمه، وتخصيص العموم.
﴿لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ﴾ (٩٩) [الأنبياء: ٩٩] أي أن الإله لا يرد النار وهؤلاء المتخذون من دون الله يردون النار، فالإله ليس هو هؤلاء فهؤلاء ليسوا آلهة.
﴿لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ﴾ (١٠٠) [الأنبياء: ١٠٠] إن كانت عامة في كل ما عبد من دون الله-عز وجل-جماد أو غيره، فهذا يقتضي أن الجماد يخلق فيه حياة يصبح بها/ [١٤١ أ/م] منه الزفير في جهنم، والأشبه أن يختص ذلك بالأحياء من الآلهة.
﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ (١٠٤) [الأنبياء: ١٠٤] استدلال على الإعادة بالقياس على الابتداء.
﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾ (١٠٧) [الأنبياء: ١٠٧] تصريح برسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم وإثباتها بالبرهان في آخر الفتح إن شاء الله-عز وجل.
...