واحتجوا بوجوه:
أحدها: هذه الآية نزلت بسببه، وهى تقتضي عدمه إسلامه/ [١٥٥ أ/م] لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يحب إسلامه، والآية تضمنت أنه لا يهدي من أحب.
الثاني: الحديث الصحيح أنه صلّى الله عليه وسلّم قيل له: إن أبا طالب كان يحوطك، فهل تنفعه بشيء؟ قال «نعم، هو في ضحضاح من النار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» (١) وفي حديث آخر: «في رجليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه» (٢).
الثالث: ما جاء في بعض الآثار أن أبا طالب لما جاء علي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: «فاذهب فواره» (٣) ثم أمر عليا بعد ذلك بالغسل، ولولا أنه مات كافرا لما سماه ابنه علي ضالا، ولا أقره النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلك، ولا تخلف عن شهود أمره ولا أمر عليا بالاغتسال من غسله.
الرابع: أنه روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما رفع سرير أبي طالب عارضه النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: «وصلتك رحم يا عم» (٤) ولم يتبعه، ولو مات مسلما لكان أحق وأفضل من تبعه لما كان يحوطه وينصره ويشفق عليه، وقالت الشيعة: إنه مات مسلما، واحتجوا بوجوه:
أحدها: قوله-عز وجل-: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاِتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (١٥٧) [الأعراف: ١٥٧] قالوا: ولا يقدر أحد يدعي أن أحدا نصر محمدا صلّى الله عليه وسلّم ووقره نصرة أبي طالب له حين لا ناصر من الخلق سواه، حتى حارب قريشا بأسرها