وتقرير هذه: إن آلهتكم مملوكة لله-عز وجل-وكما أن عبيدكم وما ملكت أيمانكم لا يشاركونكم في أرزاقكم وأموالكم كذلك الله-عز وجل-لا تشاركه الآلهة المملوكة له في عبادته وخلقه/ [١٥٨ ب/م] وهو مقياس جلي وكذلك كما لا تخافون عبيدكم فالله-عز وجل-لا يخاف الآلهة المملوكة له.
ولو كانت آلهة حقا لكان يخافها؛ إذ كانت تكون مثله، فتبغي إلى ذي العرش سبيلا فيخاف غائلتها، والتالي باطل، فالمقدم مثله.
فهذان برهانان في هذه الآية.
﴿بَلِ اِتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ﴾ (٢٩) [الروم: ٢٩] صريح في مذهب الجمهور؛ لأنه أضاف إضلالهم إليه، وهو موجب لضلالهم فيكون سهم القدرة مصيبا، وإلا كان مخطئا وإنه باطل.
﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ (٤٠) [الروم: ٤٠] فيه إشارة إلى انحتام الرزق كالخلق والموت والبعث لاقتران الرزق بالثلاثة وسرد الجميع في قرن.
وهذا مما يقوي عزائم الفقراء ونحوهم، ولعل بعض الناس من هاهنا أخذ قوله: «الرزق كالأجل يطلبك وأنت [عنه غافل]».
﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ (٤٠) [الروم: ٤٠] دليل على التوحيد ونفي الشريك.
ونظمه هكذا: آلهتكم لا تفعل شيئا من هذه الأربعة، والإله الحق يفعل هذه الأربعة، فآلهتكم ليست هي الإله الحق.