لها ملك الموت كالعقلاء، ولعل الخلاف فيها مبني على أنها عاقلة مكلفة تكليفا خفيا عن البشر أم لا، وفيه خلاف مشهور.
﴿وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (١٣) [السجدة: ١٣]، يحتج بها الجمهور على أن مشيئته هي المانعة لمن شاء هداه، وقد سبق هو واعتراض القدرية عليه.
﴿وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (١٣) [السجدة: ١٣]، أي فوجب تصديق قوله السابق بمنع الهدى الخاص من سبق أنه من أهل جهنم بحسب المشيئة وخلق الدواعي والصوارف، هذه كله مع اعتقاد أن لله-عز وجل-في خلقه المشيئة النافذة، وله عليهم الحجة البالغة.
﴿لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ﴾ (٢٣) [الأنبياء: ٢٣] وقد سبق توجيه ذلك في مقدمة الكتاب.
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (٢١) [السجدة: ٢١] زعم بعضهم أن العذاب الأدنى عذاب القبر، والعذاب الأكبر عذاب النار، وهو ضعيف بل باطل، لأنه علل إذاقتهم العذاب الأدنى برجوعهم عن كفرهم بقوله: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (٢١) [السجدة: ٢١] وفى القبر استحال رجوعهم إلى الدنيا، وإنما العذاب الأدنى يشبه أن يكون السنين التي أصابتهم على عهد النبوة المذكورة في سورة الدخان.
﴿وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٢٨) [السجدة: ٢٨] هي في سياق: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ﴾ (٢٧) [السجدة: ٢٧] يشير إلى دليل البعث المشهور وهو القياس على إحياء الأرض.
﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَاِنْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ (٣٠) [السجدة: ٣٠] وعيدي محكم.
...