غيرهم، بالفعل والقول، تصريحا وتعريضا، وإشارة وكناية وكيف شاء.
﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ (٤٠) [الأحزاب: ٤٠] احتج به الحجاج على أن الحسن والحسين ليسا ابني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا يرد عليه قوله صلّى الله عليه وسلّم للحسن: «إن ابني هذا سيد» (١)؛ لأن إثبات بنوته مجاز، باعتبار أنه سبطه ومن ذريته، وسلب الآية ثبوت بنين النبي صلّى الله عليه وسلّم كإبراهيم والقاسم والطيب؛ لأنهم لم يبلغوا مبلغ الرجال، والآية إنما سلبت أبوته عن الرجال، وعند التحقيق فالآية ما سيقت لهذا، إنما المراد منها نفي أبوته الحقيقية عن زيد بن حارثة؛ لأنه لما تبناه ثم تزوج امرأته، أرجف به المنافقون، وقالوا: تزوج امرأة ابنه، وذلك حرام في دينه؛ فعرفوا أنه ليس ابنه لصلبه، والمحرم إنما هي زوجة ابنه لصلبه، كما صرح به في سورة النساء.
والدليل على أن الحسن من ذرية النبي نص القرآن على أن المسيح من ذرية إبراهيم، مع أنه إنما ينتسب إليه من جهة أمه مريم في قوله-عز وجل-: ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ (٨٤) [الأنعام: ٨٤] إلى قوله:
﴿وَعِيسى، ﴾ ونسبة الحسن إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم نسبة المسيح إلى إبراهيم فكان من ذريته.
﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ (٤٠) [الأحزاب: ٤٠] تضمنت هذه الجملة إثبات رسالته صلّى الله عليه وسلّم وموضع تقريره سورة الفتح إن شاء الله-عز وجل-وأنه خاتم النبيين أي: لا نبي بعدي» (٢).
والدليل عليه هذا النص المعصوم، وقوله صلّى الله عليه وسلّم «أنا خاتم النبيبن لا نبي بعدي» (٢).
فإن قيل: هذا إثبات الدعوى/ [١٦٢ ب/م] بنفسها فهل من دليل عليها غير ذلك، [فإن اليهود والنصارى كل واحد من الفريقين يدعي أن نبيه خاتم النبيين لا نبي بعده، وقد ظهر كذبهم عندكم فبما تنفصلون أنتم عمن يلزمكم ما لزمهم، وهؤلاء الفلاسفة يدعون قدم العالم ودوامه، وأن النبوات لا تنقطع بل هي متصلة مستمرة بحسب الحاجة إليها في