المخلوقة له.
والجمهور قالوا: أراد بذلك الإخبار [بعموم إلهيته] وقدرته على العامل وعمله ومحل عمله، حتى لا يخرج عن دائرة قدرته شيء، كما قال: ﴿ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ (١٠٢) [الأنعام: ١٠٢] وهم تمسكوا بظاهر اللفظ وعمومه، والمعتزلة تمسكوا بمعناه على ما قلناه، وغايتها/ [٣٥١ ل] أن تكون من متشابه هذا الباب، فيرد إلى محكمه، وهو مع الجمهور كما عرف في مواضعه.
﴿وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (٩٩) [الصافات: ٩٩] يعارض به نفاة الجهة مثبتيها إذا احتجوا بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم عرج به إلى ربه إلى فوق فدل على أنه فوق، قالوا: فقد أخبر إبراهيم أنه ذاهب إلى ربه، ثم ذهب إلى الشام؛ فيلزمكم أنه في الشام.
وقد يجاب بأن إبراهيم يظهر من كلامه وحاله أن ذهابه مجاز، وأن مراده: إني ذاهب إلى قدرة ربي [أو رضى] ربي، بخلاف عروج محمد صلّى الله عليه وسلّم فإنه إلى ذات ربه قطعا.
﴿فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ اِفْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصّابِرِينَ﴾ (١٠٢) / [١٦٨ ب/م]) [الصافات: ١٠٢] أي إني رأيت، فعبر عن الماضي بالمضارع، ثم تابعه ابنه على ذلك.
فقال ﴿اِفْعَلْ ما تُؤْمَرُ﴾ [الصافات: ١٠٢] أي ما أمرت ﴿فَلَمّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ (١٠٣) [الصافات: ١٠٣]: أي استسلما لأمر الله-عز وجل-وطاعته ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ (١٠٣) [الصافات: ١٠٣] أضجعه للذبح ﴿وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ (١٠٥) [الصافات: ١٠٤ - ١٠٥] أي: صدقت فرأى عزمك على ذبح ابنك، وإنما المقصود امتحان صدقك لا ذبحه، وقد حصل ذلك بصدق عزمك ﴿وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ (١٠٧) [الصافات: ١٠٧] هو كبش هابيل المذكور في قصة ابني آدم في التفسير.
واحتج الجمهور بهذه القصة على جواز نسخ الفعل قبل وقوعه؛ لأن إبراهيم-عليه السّلام-أمر بذبح ابنه، ثم نسخ عنه قبل أن يفعل، ومنع ذلك المعتزلة.
ومأخذ الخلاف نظرا أن مثل هذا الفعل هل له فائدة أم لا؟
فالجمهور قالوا: له فائدة وهي امتحان المكلف بصدق العزم على الامتثال كما كان