السابع: قوله: -عز وجل-: ﴿وَاِمْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾ (٧١) [هود: ٧١] والظاهر أنها بشرت بيعقوب على صفته من أنه [من] ولد إسحاق، ثم لا يخفى مثل ذلك عن/ [١٦٩ ب/م] إبراهيم وحينئذ يكون إسحاق معلوم الحياة إلى أن يولد له بالبشرى الإلهية، ومثل ذلك لا يفيد الامتحان بالأمر بذبحه، لأن من علم قطعا أن ابنه يعيش إلى بعد البلوغ لا يخشى عليه قبل البلوغ من أمر بذبحه، ولا غيره، فتعين إسماعيل للقصة.
واحتج الآخرون بقوله-عز وجل-: ﴿وَاُذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدّارِ﴾ (٤٦) [ص: ٤٥ - ٤٦] فذكر إسحاق مع من أخلص بالامتحان؛ ثم قال: ﴿وَاُذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ﴾ (٤٨) [ص: ٤٨] ولم يذكر ما يقتضي امتحانا فدل على أن الذبيح هو إسحاق، وهذا ليس بشيء وجوابه من وجوه:
أحدها: أن ذكره من المخلصين لا يدل على أن إخلاصه بالامتحان بجواز أنه وصف له بالإخلاص في العبادة والطاعة.
الثاني: سلمناه لكن لا نسلم أن امتحانه بخصوصية الذبح لجواز أنه امتحن بالعمى كابنه يعقوب، وقد عمي إسحاق فلم يمت إلا مكفوفا أو بغير العمى.
الثالث: أن ما ذكرتموه منقوض بيوسف وأيوب وذي النون وداود وموسى، وغيرهم ممن أخلص بالامتحان ولم يذكر هاهنا.
الرابع: أن ما ذكرتموه معارض بوصف إسماعيل بالصبر في قوله-عز وجل-:
﴿وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرِينَ﴾ (٨٥) [الأنبياء: ٨٥] أي: قد أتى بما يلام عليه يحتج [به من يرى وقوع المعاصي من الأنبياء ولحوق اللائمة لهم على بعض أفعالهم، وقد سبق القول فيه، وأن معاملة الله-عز وجل-لهم على طريق حسنات الأبرار سيئات المقربين].
﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ﴾ (١٥٠) [الصافات: ١٤٩ - ١٥٠] إنكار على من زعم أن الملائكة بنات الله وقد سبق.


الصفحة التالية
Icon