فاعِلِينَ (٧٩) [الأنبياء: ٧٩] ﴿*وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ (١٠) [سبأ: ١٠] وقد سبق توجيه ذلك.
﴿* وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ﴾ (٢١) [ص: ٢١] يحتج به على أن أقل الجمع اثنان لأن هذا الخصم كان اثنين، وقد رد إليهم ضمير الجمع؛ فقال: تسوروا.
وأجيب بأنه يحتمل كان معهم غيرهم؛ فصاروا جمعا، ويحتمل أن جمع الضمير باعتبار لفظ الخصم، فإنه من المصادر يصدق على القليل والكثير.
﴿إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاِهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ﴾ (٢٢) [ص: ٢٢]، لأنهم دخلوا عليه في غير وقت التحاكم فأنكرهم، ففزع إما لما تخشاه الملوك من غوائل الإنس، أو لما تفرسه وكان يتوقعه من إلزام الحجة له على لسان بعض خلق الله-عز وجل-.
﴿إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾ قيل حقيقة، وقيل: كنى عن المرأة بالشاة لما ذكر في القصة، وكقوله:
يا شاه ما قنص لمن حلت له …...
وقوله:
والشاه ممكنة لمن هو مرتمي …...
البيتين.
﴿إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها﴾ / [٣٥٦ ل] [ص: ٢٣] أي أعطنيها، واجعلني أكفلها ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ﴾ (٢٣) [ص: ٢٣] أي غلبني، وفى المثل: من [عزيز]، أي: من غلب سلب.
﴿قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ﴾ إلى قوله: ﴿وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ﴾ (٢٤) [ص: ٢٤] أي علم أننا أصبناه بالمحنة، وألزمناه الحجة.
وتلخيص القصة أن داود فيما حكي في السير قال: يا رب نوه بذكري كما نوهت بذكر آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب: فقال له:
أولئك ابتليتهم، فصبروا، قال داود: فابتلني حتى أصبر، قال: فاستعد لذلك يوم كذا وقت كذا؛ فلزم داود محرابه في ذلك الوقت محترزا يقرأ في الزبور؛ فبينا هو كذلك، إذ