يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧) [الزمر: ٧] احتج به المعتزلة؛ لأن من لا يرضى لهم الكفر، لا يخلقه فيهم، ولا يقدره عليهم، ولا يتسبب إليه بوجه كما أن في الشاهد من لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر لسابق علمه فيهم بالعصمة منه.
الثاني: لا يرضى لهم الكفر عبادة وطاعة وقربة، وإن رضيه ابتلاء ومنحة بدليل:
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ (٣٥) [الأنبياء: ٣٥].
الثالث: أن لا يرضى معناه: يكره، وكراهته الشيء لا تقتضي عدم فعله بدليل أن الله -عز وجل-خالق عين الكافر، وهو يكرهه، كذلك جاز أن يخلق الكفر وهو يكرهه.
﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ﴾ (١٦) [الزمر: ١٦] الكلام كما في ﴿وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاّ تَخْوِيفاً﴾ (٥٩) [الإسراء: ٥٩] وقد سبق هناك.
﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (٢٢) [الزمر: ٢٢] شرح الصدر هو كشف حجاب القلب بما يخلق فيه من براهين الحق ودواعي اتباعه، وهو النور المذكور، وقد أخبر الله- عز وجل أنه الذي يشرح الصدر، فكذا هو الذي يجعله ضيقا حرجا، بضد ما يشرحه به من الطبع عليه، وخلق ظلمات الشكوك والريب فيه؛ فيقسو عن اتباع الحق.
﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ﴾ (٢٣) [الزمر: ٢٣]: يشبه، ويصدق بعضه بعضا.
﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ﴾ (٢٣) [الزمر: ٢٣] هو سبحانه وتعالى يخلق الخوف في قلوبهم، ثم/ [١٧٣ أ/م] يترتب على الخوف الاقشعرار، ثم