أنا فلنفسه ومن أضللته فعليها، وهذا محض جور لا تقوم به حجة في حكم العدل، ويجاب بأن جميع ذلك أعني نسبة الضلال إليهم والاحتجاج والوعيد لهم يتعلق بالكسب عن الكسبية وبالخلق على تقدير التفويض عند المجبرة، كما تقرر في مقدمة الكتاب/ [٣٦١ ل].
﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٤٢) [الزمر: ٤٢] أي: أن الله-عز وجل-تارة يقبض الأرواح بالكلية، وهو الموت، وتارة تعرج إليه على عزم معاودة البدن، وهو النوم ثم قد يقضي الموت على النائم، فيمسك روحه عنده فيموت، وقد لا يقضي عليه الموت؛ فيرسل روحه إلى جسده؛ فيستيقظ حيا، وهو ضرب من الموت والبعث، يقال: إن النفس تعرج والروح تبقى يتحرك به النائم، فإن قضى عليه الموت نائما قبض الروح إلى النفس، وإلا عاد النفس إلى الروح، وقد سبق نحو هذا في الأنعام.
﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٤٢) [الزمر: ٤٢] هو كقوله: ﴿وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَاِبْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ (٢٣) [الروم: ٢٣].
﴿أَمِ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ﴾ (٤٣) [الزمر: ٤٣] أي: شركاء يرجون شفاعتهم، قل: أتتخذونهم شركاء، وإن كانوا لا يملكون ضرا ولا نفعا، ولا يعقلون شيئا، إذ هم أصنام جماد، فإن قالوا: نعم فقد لزمهم غاية السفه والضلال، وإن قالوا: لا، فقل: فإن شركاءكم كذلك لا يعقلون ولا يملكون فلا تتخذونهم.
وهو دليل على التوحيد تلخيصه: أن اتخاذكم لهؤلاء الآلهة، إما مع علمكم بأنهم لا يملكون ولا يعقلون، فهو سفه وضلال، أو مع عدم علمكم بذلك، فقد أعلمناكم فدعوهم ولا تدعوهم آلهة.