العالم، وأنها دائمة أبدا بدوام العالم أبدا لا تنقطع، وكلما دثرت ملة ظهرت أخرى.
[وإذ سمعوا من يقول: إن محمدا خاتم النبيين لا نبي بعده، سخروا من عقله، كما حكي عن بعضهم أنه رأى الناس يركضون عند إقامة الجمعة، ليدركوها، فوقف متعجبا يقول:
سبحان الله، ما فعل هذا العربي بالناس؟ يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم نسبة إلى العرب-إنما يستخف عقول الناس حتى أجابوه إلى مثل هذه الخفة/ [١٧٦ ب/م]: زعم. ويتأولون المعاد على الروحاني دون الجسماني، ويثبتون قدم العالم، وأنه أزلي أبدي، وأن الله-عز وجل-إنما يفعل بالطبع والإيجاب، لا بالقدرة والاختيار، وغير ذلك من أصولهم، كقولهم: ] إن النعيم والعذاب فيما بعد الموت عقلي لا حسي، كل ذلك على خلاف ما جاءت به الرسل، وأنزلت به الكتب.
وإذا تأدبوا مع الشرائع تأولوا نصوصها على ما يوافق أصولهم، ثم لا يبالون كان التأويل قريبا من الظاهر، أو بعيدا جدا شبيها بالتلاعب، كقول بعضهم في عصا موسى:
﴿فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ﴾ (٤٥) [الشعراء: ٤٥]-: إنه كناية عن حجته غلبت حجة فرعون وقومه، وفى انفجار اثنتي عشرة عينا من الحجر، إنه إشارة إلى منافذ الإنسان كعينيه وأذنيه ومنخريه وفمه وقبله ودبره وسرته، وليت شعري هذه عشر فأين الآخران؟ ! ! وأشباه ذلك من تلاعبهم، فالآية بالضرورة صادقة عليهم مع نظرائهم من المشركين.