﴿مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ (٢٩) [الفتح: ٢٩] خلافا لليهود والنصارى.
لنا: أنه صلّى الله عليه وسلّم/ [٣٨٩/ل] ادعى النبوة وأتى بالمعجز، وكل من فعل ذلك فهو رسول الله؛ فمحمد رسول الله، وجميع هذه المقامات قد سبق تقريرها على اليهود في إثبات المسيح إلا كونه أتى بالمعجز، والدليل عليه من وجوه:
أحدها: أنه أتى بالقرآن، وهو غير كاتب ولا قارئ ولا مدارس بالعلوم؛ فتحدى به العرب الفصحاء؛ فأعجزهم أن يعارضوه، وذلك بعد كل شك وسؤال يورد يقتضي أنه معجز، وقد تقرر هذا في مواضع من هذا التعليق.
الثاني: أن القمر انشق له معجزا استفاض ذلك في السنة بعد أن تواتر في القرآن.
الثالث: تسليم الحجر عليه.
الرابع: نبع الماء من بين أصابعه حتى سقى جيشا وتطهروا منه.
الخامس: أنه أشبع جيشا عشرين ألفا وزودهم حتى ملؤوا أوعيتهم من نحو سبعة أو ثمانية آصع.
السادس: تسليم الشجر عليه.
السابع: إخباره بالغائبات فلم يخرج شيء منها.
الثامن: إخباره عن قصص الماضين، فوافق ما عند أهل الكتاب.
التاسع: تظليل الغمام له [وميل ظل] الشجرة عليه لتظله.
العاشر: أنه رمى هوازن-هم عشرون ألفا-بكف تراب فملأ أعينهم جميعهم فانكسروا.
وهذا قليل من كثير من معجزاته صلّى الله عليه وسلّم، فمن وفق علم بالضرورة صحتها لتواترها عند المسلمين على كثرتهم تواترا لفظيا أو معنويا، ثم علم بالضرورة أن من ظهر ذلك على يده نبي صادق.
وأيضا فإن محمدا صلّى الله عليه وسلّم إما أن يكون نبيا صادقا أو ملكا ما حقا، فالثاني باطل، فالأول حق، أما الحصر فلأنه لا/ [١٨٧ ب/م] قائل بثالث؛ لأن المسلمين يقولون: هو نبي صادق، والخصم ممن ينكر نبوته يقول: هو ملك ما حق، أعطي نصرة وسعادة حتى قهر أعداءه ومحقهم، ثم استولى على دعوى النبوة.
وأما بطلان كونه ملكا كما زعموا فلأن العادة المطردة والاستقراء التام استمر