وعن السابع: أن الجمع أخص مما ذكرتم، وهو ضم شيء إلى أكثر منه، وهو غير موجود في التثنية.
وقد أورد على هذه/ [٣٩٢/ل] المسألة، إشكال وهو أنه إن أريد أن الاثنين أقل جمع الكثرة فأقله أحد عشر على ما صرح به أهل العربية: أن جمع القلة ما بين الثلاثة إلى العشرة، وجمع الكثرة ما فوق ذلك. وإن أريد أقل جمع القلة فمقتضى كلامهم أعم من ذلك؛ لأنهم جعلوا من جمع القلة الجمع السالم، نحو مسلمين ومسلمات، ﴿وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ﴾ (٣٧) [سبأ: ٣٧].
ويمكن أن يجاب عنه بأن الجمع ضم شيء إلى غيره، وهو من حيث هو أعم من جمع القلة والكثرة لانقسامه إليهما، فجاز أن يراد به أن الاثنين أقل الجمع المطلق من حيث هو، وهو ما صح أن يرد إليه ضمير الجمع.
واستدل بالآية على أن الفاسق لا يخرج عن وصف الإيمان؛ لأن البغي فسق والباغي فاسق، وقد أطلق عليه وصف الإيمان في قوله-عز وجل- ﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (٩) [الحجرات: ٩] فسمى الجميع مؤمنين، وكذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم للحسن:
«إن ابني هذا سيد ولعل الله [يصلح] به بين فئتين [عظيمتين] من المسلمين» (١) يعني أهل العراق وبغاة الشام، وفى الاستدلال بهذا الحديث [نظر].
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ (١١) [الحجرات: ١١] احتج به من يرى أن القوم خاص بالرجال؛ لأنه قابله بالنساء فيكون قسيما للقوم، وقسيم الشيء استحال أن يدخل تحته ويكون قسما منه/ [١٨٩ أ/م] ولقول الشاعر: