وعند المتكلمين: فهو أن الإنسان بين غطاء التكليف وكشف الجزاء، فإذا كشف هذا الغطاء ظهر ذلك الكشف، ولو ظهر ذلك الكشف في زمن التكليف لصار الإيمان ضروريا وبطل التكليف لبطلان حكمته.
[فهذا ما استحضرناه من أقوال الناس في الغطاء نقلا عنه أو قياسا على مقتضى قولهم]
﴿لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ﴾ (٣٥) [ق: ٣٥] قيل: هو الزيادة في قوله-عز وجل-: ﴿*لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ (٢٦) [يونس: ٢٦] فيستدل به على الرؤية كما سبق.
﴿فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ (٣٩) [ق: ٣٩] وفي «طه»: ﴿فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى﴾ (١٣٠) [طه:
١٣٠] وفي «الروم» ﴿فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ (١٧) [الروم: ١٧] وفى «سبحان» ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً﴾ (٧٨) [الإسراء: ٧٨] الآيات، يحتج بها على مواقيت الصلاة، وبعضها أبين من بعض، ثم جاءت السنة فأمعنت في بيانها؛ كحديث ابن عباس وجابر وأبي موسى وغيرهم، وبقي بعض الإجمال، فجاء الفقهاء فأزالوه، فبلغت أحكام الآيات المذكورة بهذا التبيين غايتها من البيان، وكذلك سائر النصوص المجملة بلغت بالتبيين غايتها من البيان، وظهر بهذا أن المجمل والمبين على مراتب في الجلاء والخفاء، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ (١) ثم «صلوا كما رأيتموني أصلي» (٢)، ثم حديث المسيء في صلاته، مترتبة في الإجمال، كل واحد منها أشد إجمالا مما بعده، وهي في البيان على العكس كل واحد منها