كسبه يصدق على ما باشره أو نسب إليه، وهذه الطاعة المهداة إليه مما تسبب إلى حصولها، ولو لم يكن إلا بواسطة الإسلام المكتسب له فيهدي إليه الحي لكونه مسلما فضلا، عن أنه قد يكون ملكا عادلا أو وزيرا أحسن السياسة أو عالما أو حاكما انتفع بعلمه، أو غنيا شاكرا، أو فقيرا صابرا ذا خلق حسن، فيهدى إليه ثواب الطاعات بهذه الوسائط المكتسبة له، وأما أن كسبه سعيه فواضح، وأما أن سعيه يكون له وينفعه؛ فلظاهر الآية كما بينا.
واحتجوا بأن الثواب المهدى للميت إما عمل له أو لا، فإن كان عملا له فقد انقطع بموته / [١٩٥ أ/م] لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث»، وإن لم يكن عملا له لم ينفعه لقوله-عز وجل-: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى﴾ (٣٩) [النجم: ٣٩].
والجواب: أنا قد ندعي أنه عمل له ولم ينقطع بموته، والحديث عام خص بالمحرم لا ينقطع إحرامه بموته؛ ولذلك يجنب ما كان يتجنبه حيا، ونقيس محل النزاع على محل التخصيص بدليلنا، وقد ندعي أنه ليس عملا له ويصل إليه بطريق الهدية، والآية محمولة على شرع إبراهيم، لأنها مضافة إلى صحفه، والنظر الصحيح يقتضي صحة قولنا، لأن من عمل طاعة وتفضل الله-عز وجل-عليه بثواب بسببها صار حقّا له كماله الدنيوي، وكما لا يمنع من الإيثار بماله من الإيثار بثواب أعماله، ولو أهدى الحي ذلك لحي مسلم ففي نفعه إليه وجهان في مذهب أحمد، الأشبه بالصحة أنه يصل وينفع.
﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى﴾ (٤٥) / [٤٠٤/ل]) [النجم: ٤٥] يحتج به من لا يورث الخنثى، لأن الإرث إنما ورد في الشرع لذكر أو أنثى، وهذا ليس واحد منهما لاختصاصه باسم وخلقه دونهما.
والجواب: أنه قسم ثالث في الظاهر، أما في نفس الأمر فهو [واحد من] القبيلين لا محالة.
﴿مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى﴾ (٤٧) [النجم: ٤٦ - ٤٧] احتجاج على الإعادة بقياس الإبداء.
﴿وَأَنْتُمْ سامِدُونَ﴾ (٦١) [النجم: ٦١] قيل: مغنون، بلغة حمير، فاستدل به على تحريم الغناء، وفيه نظر.
...