أحدها: أن الله-عز وجل-بدأ بالمغرب في سيرة ذي القرنين فقال-عز وجل-:
﴿فَأَتْبَعَ سَبَباً (٨٥) حَتّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً﴾ (٨٦) [الكهف: ٨٥ - ٨٦] ثم ذكر بعده المشرق.
وأجيب: بأن ذلك تبع للواقع، وهو أن ذا القرنين أول ما افتتح وغزا جهة المغرب فوقع الخبر على وفق ذلك، ولا دلالة له على الشرف والفضيلة.
الثاني: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك» (١)، وفي رواية: «لا يزال أهل المغرب ظاهرين» وهو يقتضي تفضيل المغرب.
وأجيب بأن الصحيح في ذلك في كتاب البخاري من رواية مالك بن يخامر السكسكي عن معاذ بن جبل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «وهم بالشام» (٢) وهي من حساب المشرق، وأما لفظ الغرب فلا يثبت، وإن ثبت فهو محمول على العرب وهم أهل الغرب، أي: الدلو التي تسقى بها الإبل، وأكثرهم باليمن والشام ونجد ونحوها.
الثالث: أن المغرب اختص بظهور الأهلة منه التي جعلت مواقيت للناس والحج، وترمقها أبصار الناس دون المشرق؛ كما قال الفرزدق:
ترى الغر الجحاجح من قريش … إذا ما الخطب في الحدثان غالا
قياما ينظرون إلى سعيد … كأنهم يرون به هلالا
وأجيب بأنه معارض بأن القمر يبدو من المغرب ممحوقا لا يرى إلا بالمضارة، وإنما يكمل/ [٤٠٩/ل] بدرا بالمشرق حين يقابل الشمس، وبأن باب التوبة سعتها أربعين عاما، ثم إنها تغلق بالمغرب.
الرابع: أن المهدي الذي يملأ الأرض عدلا يظهر من المغرب.
وأجيب بأن المشهور ظهوره من مكة أو اليمن أو العراق، ونسبة ظهوره إلى المغرب ضعيفة جدا.
قالت المغاربة: نحن لا يظهر الدجال من عندنا، ولا يأجوج ومأجوج ولا سائر الفتن،