القول في سورة المجادلة
﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ (١) [المجادلة: ١] فيه إثبات صفة السمع ووقوعه بالفعل من الله- عز وجل-وقد سبق.
﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (٦) [المجادلة: ٦] فيه ضبط الأعمال وحفظها والمقابلة عليها.
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٧) [المجادلة: ٧]، معناه بعلمه لاكتناف ذكر العلم ما قبل ذلك وبعده، [وبذاته السارية في الوجود عند الاتحادية/ [٢٠٠ ب].
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (١١) [المجادلة: ١١] قد يحتج به على استواء الإيمان والعلم في حصول الدرجات؛ لترتب حصولها على كل واحد منهما، وذلك فيما إذا فرض مؤمن ضعيف العلم، وعالم ضعيف الإيمان بعد اشتراكهما في أصل الإيمان، فيكونان متساويين، وفيه نظر. أما مؤمن غير عالم، وعالم غير مؤمن أصلا، فلا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة، والمؤمن ناج والعالم هاهنا هالك.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١٢) [المجادلة: ١٢] نسخت بالتي بعدها إلى غير بدل، ويحتج به على أن النسخ ليس من شرطه المنسوخ إليه وهو البدل، وهو قد سبق تعلق الشيعة بها في أنه لم يعمل بهذه الآية إلا علي، وأنه دليل على أنه كان أشدهم طلبا للعلم، وأكثرهم تحصيلا منه.