الفروع لتعلق الكفر والقتل به عند بعض أهل العلم، والكفر والإيمان من باب الأسماء والأحكام في أصول الدين، والصواب إن شاء الله-عز وجل-أن الكفر إنما هو إنكار ما علم كونه من الدين ضرورة، فما لا يدخل تحت هذا الحد لا يكون كفرا، وقد يقال:
إن الكفر لما كان ضد الإيمان ثم كان الإيمان هو التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وجب أن يكون الكفر هو التكذيب بذلك أو بعضه، اعتبارا للشيء بضده.
قوله-عز وجل-: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا اُنْظُرْنا وَاِسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (١٠٤) [البقرة: ١٠٤] قيل: كان المسلمون يقولون: يا رسول الله، راعنا. من المراعاة. فاتخذه اليهود دخلا، وجعلوا يقولون: يا محمد راعنا. من الرعونة، إلغازا عليه فنهي المسلمون عن ذلك/ [٣٤/ل].
واحتج به على سد الذرائع، وهو مذهب مالك وأحمد، حسما لمواد الفساد الباطنة، وأجاز ذلك بعض الأئمة، وصنفوا كتبا في الحيل والذرائع، اعتبارا للصور الظاهرة، ويحتمل أن يقال: إذا رأينا صورة ظاهرة يحتمل أن تحتها ذريعة باطنة، فإن علمنا أو ظننا وجود الذريعة [الفاسدة، منعنا تلك الصورة، وإن علمنا أو ظننا انتفاء الذريعة] أجزنا، وإن ترددنا على السواء احتمل المنع احتياطا، واحتمل أن يخرج فيه الخلاف كسائر الوسائط المترددة بين الأطراف.
﴿* ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١٠٦) [البقرة: ١٠٦] فيه مسألتان:
إحداهما: إثبات النسخ (١)، وقد أنكره اليهود؛ بعضهم عقلا، وبعضهم سمعا.
لنا: أن النسخ إما بيان انتهاء مدة الحكم، أو رفع الحكم الشرعي بطريق شرعي، وكلاهما لا يلزم منه محال؛ فوجب القول بجوازه، ولأن الشرع للأديان كالطبيب للأبدان؛ فجاز أن ينهى اليوم عما أمره به أمس، كما يصف الطبيب اليوم للمريض ما نهاه عنه أمس، وذلك بحسب المصالح أو إرادة المكلف، وهو الشارع، ولأنه قد وقع في التوراة في عدة صور فالقول بجوازه لازم/ [١٨ أ/م] لهم.