والمنجمين في بعض الأحيان وأصحاب الرؤيا والزجر والفأل ومسترقي السمع، وأشباههم؛ جميع هؤلاء يظهرهم الله عز وجل على بعض غيبه، بدليل: ﴿اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ (٢٥٥) [البقرة: ٢٥٥].
﴿إِلاّ مَنِ اِرْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ (٢٨) [الجن:
٢٧، ٢٨] [ظاهره أن الرصد ملائكة بين يدي النبي وخلفه يرفعون عنه أنه قد أبلغ الرسالة، وأنه-عز وجل-لا يعلم ذلك بدون هذا الرصد، لكن هذا الظاهر متروك بالإجماع، والبرهان على أنه-عز وجل-ليس يعزب عن علمه شيء في الأرض/ [٢٠٩ ب/م] ولا في السماء، فيجب تأويل هذا الظاهر على] أن هذا الرصد من الملائكة معقبات يحفظونه عن أعدائه من باب:
﴿*يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ﴾ (٦٧) [المائدة: ٦٧]
ومعنى: ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ (٢٨) [الجن: ٢٨] أي: ليجازيهم على إبلاغهم الرسالات، ويجزي أممهم على الطاعة ثوابا، وعلى المعصية عقابا، فيصير نظم المعنى هكذا: إلا من ارتضى من رسول، وأنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا يحرسونه، وليجزيهم على الإبلاغ وأممهم على القبول، أو الرد بما يستحقونه، أو على غير هذا التأويل.
...