وابتناء على ما سبق ذكره يكون وقت الغداة والإبكار، والمراد منهما حقيقة: الطرف الأول من النهار، وهو ما يكون من النهار من أول الفجر إلى ما قبيل طلوع الشمس إذ هو المقابل للطرف الثاني منه، ويطلق على ما بعيد ذلك على سبيل المجاز لعلاقة المجاورة أيضاً، وقد يكنى بهما كذلك عن الاستغراق لجميع أجزاء الشطر الأول من النهار إذا اقتضى المقام ذلك وأملاه السياق.. يقول ابن منظور: "الغُدوة بالضم: البُكرة. وهي ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس.. والغداة كالغدوة وجمعها غدوات.. وقال الليث: الغُدوة جمعٌ مثل الغدوات، والغُدى جمع غُدوة.. وأنشد) بالغُدى والأصائل) وقالوا: إني لآتيه بالغدايا والعشايا، والغداة لا تجمع على الغدايا ولكنهم كسَّروه على ذلك - أي جمعوه جمع تكسير- ليطابقوا بين لفظه ولفظ العشايا، وليزاوجوا بينهما، فإذا أفردوه لم يكسِّروه.. ويستعمل مصدراً، يقال: غدا عليه غَدْوة وغُدُوّاً، واغتدى: بكَّر، والاغتداء: الغدو، وغاداه باكره وغدا عليه.. وقوله تعالى: (بالغدو والآصال) أي بالغدوات (١)، فعبر بالفعل عن الوقت - إذ الأصل فيه: يغدون بالتسبيح أول النهار أي بعيد طلوع الفجر- كما يقال: أتيتك طلوع الشمس أي وقت طلوع الشمس، ويقال: غدا الرجل يغدو فهو غادٍ، وفي الحديث: (لغدوة أوروحة في سبيل الله..)، والغدوة: المرة من الغُدُوِّ وهو سير أول النهار، نقيض الرواح (٢) ".

(١) وفي حال جعل (غدو) مصدراً لا جمعاً. يقدر معه مضاف مجموع أي أوقات الغدو، ليطابق قوله (الآصال) كذا في روح المعاني ٩/٢٢٤ مجلد ٦.
(٢) اللسان ٦/٣٢٢٠، ٣٢٢١ بتصرف وينظر تمييز ذوي البصائر ٤/١٢٢ والرازي ٧/٤٢٤ والآلوسي ٩/٢٢٤ مجلد ٦.


الصفحة التالية
Icon