ولنتأمل في ذلك مثلاً ما ذكره صاحب الكشاف تفسيراً لقول الله تعالى عن أهل الجنة: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً.. مريم/٦٢) وقد تبعه فيه غيره، يقول: - "أراد دوام الرزق ودروره كما تقول: (أنا عند فلان صباحاً ومساءً وبكرةً وعشياً)، تريد الديمومة ولا تقصد الوقتين المعلومين" (١)، وما ذكره الطاهر ابن عاشور في تفسيره لقول الله تعالى: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه.. الأنعام/٥٢) حيث يقول: "الغداة: أول النهار، والعشيّ من الزوال إلى الصباح، والباء للظرفية.. والمعنى أنهم يدعون الله اليوم كله، فالغداة والعشي قصد بهما استيعاب الزمان والأيام كما يقصد بالمشرق والمغرب استيعاب الأمكنة، وكما يقال: الحمد لله بكرةً وأصيلاً" (٢)، وفي معناه يقول الآلوسي تفسيراً لنفس الآية: "والمراد بهما ها هنا الدوام كما يقال فعله مساءً وصباحاً إذا داوم عليه" (٣)، وعلى هذا دأب جلّ المفسرين وربما كان مستندهم في هذا صحة ما ورد عن العرب "إني لآتيه بالعشايا والغدايا" (٤) يقصدون بذلك استدامة المجيئ.

(١) تفسير الكشاف ٢/٥١٦، ٥١٥وينظر الرازي ٩/٤٨٧ وحاشية الشهاب لى البيضاوي ٦/٢٩٢.
(٢) التحرير٧/٢٤٧ مجلد٤.
(٣) الآلوسي ٧/٢٣٢ مجلد٥.
(٤) اللسان ٤/٢٩٦٢.


الصفحة التالية
Icon