فالأليق بمثل هذا أن يحمل على معنى الانقياد والتسخير الذى يصدر عن طواعية (١) على سبيل الاستعارة بالكناية، أو على وجه الحقيقة على أن يخول الأمر فيه لخالقه فهو سبحانه العليم بأسرار خلقه.
وهناك من الآي ما سبق الأمرَ فيها بالتسبيح في الوقتين، الأمرُ بالذكر، فناسب - لكون التسبيح واحداً من أنواعه وفرداً من جملته- أن يجعل من قبيل عطف الخاص على العام، وبالتالي فيكون معنى التسبيح فيه على ظاهره، ولك أن تتأمل مصداق ذلك في قوله سبحانه: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال.. النور/٣٦، ٣٧)، وقوله جل ذكره: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا.. الأحزاب/٤١، ٤٢"... كما يُفضّل عند الاقتصار على الذكر في نفس الوقتين كما هو الشأن في نحو قوله تعالى: (واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً. ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلاً.. الإنسان/٢٥، ٢٦) أن يحمل المطلق فيه على المقيد.
فالذي يطمئن إليه الباحث، أن مراعاة هذه الضوابط ووضعها في الاعتبار وملاحظتها عند تحديد المراد من التسبيح أو الذكر في وقتي الغدو والآصال، هو مما يساعد على فهم ما يهدف إليه النص القرآني، ويكون من التكلف والجور التسوية بين النصوص وجعلها على نحو ما فعل جلّ المفسرين على نمط واحد، إما أن يراد منها التنزيه وحمل المعنى على ظاهره بقول (سبحان الله)، أو يراد منها الصلاة.. هكذا دون ما إبصار لمواقعها ولا إنعام نظر فيما يعين من القرائن على حملها على الوجه الصحيح، وينشأ عن ذلك تحميل النصوص مالا تحتمل أو صرفها عما يدل السياق بقرائن الأحوال على تحديد مراد الله منها.