والقول بأن المدلول اللغوي لـ (الطرَف) وهو نهاية الشيئ، لا يعين على حمل المعنى على الصلاة، يرد عليه بأنه يجوز أن يراد بـ (الطرف) طائفة من الشيىء، فإنه أحد معانيه كما في الصحاح والقاموس (١)، ومما يعد قرينة على صحة ما ذكرت من أمر حمل التسبيح في مثل هذا المقام على معنى الصلاة، وجعل ذلك من قبيل المجاز المرسل لعلاقة الجزئية لإطلاق البعض وهو التسبيح وإرادة الكل، ما أخرجه الحاكم عن فضالة عن وهب الليثي من أن النبي - ﷺ - قال له: (حافظ على العصرين) قال: قلت وما العصران يا رسول الله؟ قال: (صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها).. فإذا أُضيف إلى هذا ما أفاده ذكر أوقات الليل فى الآيات سالفة الذكر من دلالة ظاهرة على تعيين المراد وتحديد الصلوات الأخرى المتعينة فيها ازداد الأمر وضوحاً وتأكد لنا صحة ما ارتأيناه، فقد ترجح لدى كثير من أهل التأويل أن صلاة الزلف الواردة في قوله جل ذكره: (وزلفاً من الليل) مرا د بها صلاتا المغرب والعشاء، وهذا - على ما ترجح لديّ أيضاً- هو المختار لكونه الأدخل في حمل مقابله وهو (طرفي النهار) على ظاهره، والأوفق مع قوله جل ذكره في آية طه: (ومن آناء الليل) بعد قوله: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.. طه/١٣٠، ١٣١) (٢) وقوله في آية ق (ومن الليل فسبحه) بعد قوله: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب.. ق/٣٩، ٤٠).
(٢) ينظر الآلوسي ١٢/٢٣٤ مجلد ٧، ١٦/٤١١ مجلد ٩، ٢٦/٢٩٠ مجلد ١٤ وينظر حاشية الشهاب ٧/٣٨٠.