فيقول: (إن أبي وهبني حياة يشاركني فيها علي ومحروس - وهما أخوان له كانا مزارعين - والسيد جمال الدين وهبني حياة أشارك فيها، محمدًا وإبراهيم وموسى وعيسى والأولياء والقديسين). ولقد أدرك جمال الدين ذكاء الشيخ، وقوة شخصيته وعلو همته، فكان يقول "أي ملك في جلدك؟ " وحينما أخرج من مصر خرج وهو مطمئن إلى أنه قد خلف وراءه من ورث علمه وإصلاحه (١).
العامل الثالث:
من تلك المؤثرات في شخصية الشيخ، كان ذلك التطواف وتلك الرحلات في البلدان الأوروبية، حيث اطلع على نظمها وأساليب الحياة فيها، والتقدم العلمي الذي وصلت إليه، فكان لذلك كله أثر غير خاف في منهجه الاصلاحي والعلمي.
تلك أهم العوامل القريبة التي كان لها أثرها الكلي في حياة الشيخ، وربما كانت هناك عوامل أخرى نابعة من ثقافته الخاصة، كدراسته عن المعتزلة وغيرهم، ممن لهم أثر في التراث الإسلامي.
ثالثًا: آراء الشيخ في الإصلاح:
أما نزعته في الإصلاح، فتتجلى في مظاهر متعددة، فكتابته في الصحف والمجلات، وتكوينه الجمعيات المختلفة، خيرية أو ثقافية، وما كان يصدره من فتاوى، وما كان له من جهد شخصي في إغاثة المنكوبين وإغاثة البؤساء، كل ذلك إنما يدل على شفافية نفس الشيخ، وحرصه على نهضة أمته، وحب الخير لها، وتخليصها من استبداد الحاكم وسلطان الأجنبي. وكان يرى أن هذا الإصلاح وتلك التوعية، لا ينبغي أن تكون طفرة، بل لا بد فيها من التؤدة والحكمة، ومن هنا لم يكن يؤمن بالعنف، والوصول عن طريق الثورات. لذلك لم يكن من مؤيدي الثورة العرابيّة في بدايتها - كما أسلفت -، وإن انخرط فيها بعد ذلك.