أما بعد وفاته فعلى الرغم من كثرة مؤيديه الذين يعدونه إمامًا وعلمًا من أعلام النهضة، فقد رأينا من يهاجمه، وقد يصل هذا إلى درجة التشنيع. يقول الأستاذ مصطفى صبري (١): (أما النهضة الإصلاحية المنسوبة إلى الشيخ محمد عبده، فخلاصتها أنه زعزع الأزهر عن جموده على الدين فقرّب كثيرًا من الأزهريين إلى اللادينيين خطوات، ولم يقرّب اللادينيين إلى الدين خطوة، وهو الذي أدخل الماسونية في الأزهر، بواسطة شيخه جمال الدين الأفغاني، كما أنه شجع قاسم أمين على ترويج السفور في مصر).
بينما نرى الدكتور محمد البهي، الذي أعجب بالشيخ، حتى جعل إهداء كتابه (الجانب الإلهي من التفكير الإسلامي) للشيخ تقديرًا وتعظيمًا له، يدافع عن الأستاذ في كتابه (الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي)، وينكر على أحمد أمين مقارنته بين الثميخ وبين أحمد خان في الهند. يقول: (لقد كانت توجد في مصر سلطتان: سلطة الاحتلال وسلطة محلية، وهي سلطة الخديوي. بينما كانت توجد في الهند سلطة واحدة هي سلطة الاحتلال الإنجليزي. فهناك نوع من المفارقة بين الهند ومصر، وبالتالي بين موقف محمد عبده، وموقف السير سيد أحمد خان. فالممالأة للسلطة القائمة هناك كانت واضحة، لتحقيق منفعة شخصية أو لتحقيق خدمات للاستعمار. أما التفاهم هنا في مصر مع ممثل السلطة المحتلة، فكان للوقاية أو للحيلولة دون استمرار تنفيذ الخطة الموضوعة، لتصفية أوقاف المسلمين، وتوجيهها وجهة أخرى غير التي وقفت من الخيرين).
ويحسن هنا أن نثبت بعض فقرات لكاتب حديث هو الدكتور محمد محمد

= أن هذا كان منهج الشيخ محمد عبده، فلماذا تلوموننا، مع أنني على يقين بأن هناك فرقًا شاسعًا بين موقف هوْلاء العملاء، وبين موقف الشيخ الذي كان يصدر عن رأي، لا عن عمالة، سامح الله الشيخ محمد عبده، ورحمه رحمة واسعة.
(١) موقف العقل والعلم والدين ١/ ١٣٣.


الصفحة التالية
Icon