أمر نرفضه، ونترفع ونرفع غيرنا أن يقعوا فيه، وهو باب إن فتح، فتح معه الشر كله ولذا كان المنهج الأوفق محاكمة الشيخ في ضوء آثاره، وإنتاجاته، وهو منهج القرآن ومن سار عليه من الصحابة وعلماء الأمة، وهو ما سأحدثك عنه إن شاء الله.
رأيي في الشيخ:
وإبان هذا التصارع حول شخص كان له شأن في التاريخ، أرى لزامًا على أن أبدي ما أرتئيه. فأنا لست مع هؤلاء الذين يرمون الشيخ بعدم العلم - كما ذهب إلى هذا الأستاذ مصطفى صبري - ولا أؤيدهم بأن ما ظهر من انحراف وإلحاد كان الشيخ سببه. وما استدل به هؤلاء، من أن فريد وجدي قد تأثر بالأستاذ الإمام في تأويل آيات البعث وقصص القرآن وعدّها من المتشابه، يدحضه تزعم الشيخ رضا حملة الرد على تأويلات فريد وجدي.
أما ما اتُّهم به الشيخ من تعاون مع الاحتلال، فالذي أعتقده أن الشيخ لم يكن في يوم ما صنيعة للمحتلُ يُنَفِّذ أغراضه ويعمل بتخطيط منه لتثبيت سلطانه. ولكن كان للشيخ رأيه في هذا التعاون الذي كان يظن أنه سينقلب خيرًا على الأمة. فإن لم تكن النتائج كما ظن، فإن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ في الاجتهاد. ولعل بعض عبارات الشيخ التي تقدمت تؤيد ما ذهبت إليه.
أما المحفل الماسوني الذي كان عضوًا من أعضائه، فلا ريب أن الشيخ قد خدع وغرر به، ذلك أن الماسونية لم تكن لها صورة واضحة في ذلك الزمن كما هي الآن. ففي وقتنا هذا لا يشك أحد في غايات الماسونية وأهدافها، وبأن الانتساب إليها محاربة لله ورسوله.
أما محاولاته للتوفيق بين الإسلام والحضارة الغربية، فإن وضع المسلمين الفكري السياسي في ذلك الوقت، إذا قورن بأوضاع الأوروبيين من جهة، وثقافة الشيخ ورحلاته إلى أوروبا، وحرصه على نهوض أمته من جهة ثانية، كانت دافعًا لهذه المحاولات. إن جمود المسلمين في ذلك الوقت، ورفضهم العودة حتى إلى


الصفحة التالية
Icon