سادسًا: مدرسته في التفسير:
إن أهم ما اشتهر به الشيخ، تفسير القرآن الكريم، لا من حيث الأسلوب، ولا من حيث المنهج الذي نهجه فحسب، ولكن من حيث آراؤه التي بثها في تفسيره كذلك. ومع أن الشيخ كان يرى أن إصلاح المسلمين إنما يكون نتيجة فهمهم للقرآن. فالمعروف أن السيد رشيد رضا، هو الذي كان يُلح عليه كثيرًا ليفسر القرآن. وهذا الإلحاح ربما يكون نتيجة لثقته بأستاذه، ولأنه اطّلع على تفسيراته لبعض آيات وسور قصيرة. وقد أجاب الشيخ على اقتراح السيد رشيد رضا بقوله: (إن القرآن لا يحتاج إلى تفسير كامل من كل وجه، فله تفاسير كثيرة، أتقن بعضها ما لم يتقنه البعض الآخر، ولكن الحاجة شديدة إلى تفسير بعض الآيات، ولعل العمر لا يتسع إلى تفسير كامل، ثم إن الكتابة لا تفيد القلوب العمي، وإنما تفيد القلوب المتيقظة العالمة بوجه الحاجة إليها) (١)... ولكن الشيخ استجاب أخيرًا لاقتراح السيد رشيد رضا، فبدأ يفسر القرآن في الجامع الأزهر، واستمر مدة تزيد على ست سنين، وصل فيها إلى قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا﴾ [النساء: ١٢٦]. ولقد كان الشيخ يؤمل أن يتم تفسيره فهو يذكر عند تفسير قوله تعالى: ﴿قَال كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ.. ﴾ [آل عمران: ٤٧] أنّ هناك معاني سيتطرق إليها عند تفسيره لسورة مريم، ولكن اختاره الله إلى جواره قبل أن يصل إليها، وتفسيرات الشيخ وإن اختلفت أزمنتها وأمكنتها، وإن استرسل في بعضها أكثر من بعضها الآخر، فإنها يجمعها طابع واحد كما سنبين ذلك إن شاء الله.
لقد فسر الشيخ أول ما فسر جزء عم. وهذا التفسير تظهر عليه سمات الاختصار