بعض الروايات... وعلى كل ما في محاولة تتبع آيات القرآن وسوره وفق الترتيب الزمني للنزول من قيمة ومن مساعدة على تصوير منهج الحركة الإسلامية ومراحلها وخطواتها فإن قلة اليقين في هذا الترتيب تجعل الأمر شاقًا، كما أنها تجعل النتائج التي يتوصل إليها تقريبية ظنية وليست نهائية يقينية... وقد ترتب على هذه النتائج الظنية التقريبية نتائج أخرى خطيرة... لذلك آثرت في هذه الظلال أن أعرض القرآن بترتيب سوره في المصحف العثماني مع محاولة الإلمام بالملابسات التاريخية لكل سورة -على وجه الإجمال والترجيح- والاستئناس بهذا في إيضاح الجو والملابسات المحيطة بالنص -على وجه الإجمال والترجيح أيضًا-.
ولكي نلم بفكرة تامة عما احتواه التفسير لا بدّ أن نقسم البحث عنه إلى موضوعين اثنين:
أما الموضوع الأول -فهو ما شارك فيه التفاسير الأخرى كفواتح السور والآيات الكونية المتشابهة وآيات الأحكام وما شابه ذلك.
أما الموضوع الثاني -فهو الموضوع الذي امتاز به هذا التفسير وهو تجلية العقيدة الإسلامية في هذا القرآن، والتركيز على منهجية هذا القرآن للبشرية كلها في نواحي حياتها المختلفة، ولقد حرص المفسر أن يبث هذه المعاني في مواضع كثيرة من تفسيره وأن يؤكدها، وإننا لنجده يبين للمسلمين هذا المنهج القديم الذي لا ينبغي أن يعدل عنه بحجة واضحة دافعة ومنطق سليم وأسلوب جذاب... هذا القرآن هو كتاب هذه الدعوة، وهو روحها وباعثها، وهو قوامها وكيانها، وهو حارسها وراعيها وهو بيانها وترجمانها، وهو دستورها ومنهجها وهو في النهاية المرجع الذي تستمد منه الدعوة -كما يستمد منه الدعاة- وسائل العمل ومناهج الحركة. وزاد الطريق... ومعجزة القرآن البارزة تكمن في أنه نزل لمواجهة واقع معين في حياة أمة معينة، في فترة من فترات التاريخ محددة وخاض بهذه الأمة معركة كبيرة حولت تاريخها وتاريخ البشرية كلها معها، ولكنه مع هذا يعاني ويواجه وعليه أن يوجه


الصفحة التالية
Icon