الموضوع الثاني: العقيدة في ظلال الآيات:
إن ما مر معنا في دراستنا حول الظلال يعطينا صورة واضحة عن المنهج الذي سار عليه الأستاذ سيد في تفسيره، وعن مقدار الصلة بينه وبين مناهج المفسرين، وستكون لنا عودة إن شاء الله لهذا الموضوع حينما نتكلم عن صلة سيد بمدرسة المنار وموقفه منها، ولكني أردت أن أفرد فصلًا خاصًّا للعقيدة في ثنايا الظلال، أو ما تلقيه الآيات من ظلال ينبغي أن يتفيأها المتدبرون للقرآن والراتعون في ربيعه الشاربون من نميره، وإذا كانت تفاسير القرآن لكل منها ميزاته الخاصة، فتفسير البحر المحيط يمتاز بمسائل الإعراب، ومفاتح الغيب يمتاز بالعقليات، والكشاف بجمال البيان القرآني، والمنار بإثبات صحة الوحي والرسالة وحكمة التشريع والمقارنة بين الهدي الإسلامي وواقع المسلمين، فإن الظلال يمتاز بالتركيز على معالم العقيدة ومنهجها وجلاء التصور الإسلامي مما تراكم عليه من رين، وبيان الحركة الدائبة في هذا الدين والمواقف المختلفة منه ولاء وعداءً، أو بين بين، وأسبابها قديمًا وحديثًا.
وقد أسهب المؤلف في هذا كله إسهابًا يلمحه الدارس لكتابه مما يحتم عليه عدم التغافل أو التناسي لهذا الموضوع، وسأحاول إن شاء الله ما استطعت إبراز أهم النقاط التي قصد إلى بيانها المؤلف ملتقطًا ذلك من ثنايا التفسير، وسأقسم هذا البحث إلى قسمين:
١ - الحديث عن العقيدة في إطارها العام، وأعني بهذا جذور العقيدة الممتدة في الماضي السحيق البعيد، منذ أن خلق الله الإنسان ومنذ أن كان الناس أمة واحدة.
٢ - العقيدة في إطارها الخاص، وأعني به هذا الإسلام الذي امتن الله علينا بإكماله وإتمامه ورضيه لنا دينًا.


الصفحة التالية
Icon