الآية ظاهر جلي، لا يحتمل معناه التأويل، ولا يذهب إلى النفس منه إلا أن العتاب كان على التمهل في الأمر والتريث به، وأن الذي كان يخفيه في نفسه، هو ذلك الأمر الإلهي الصادر إليه، بأن يهدم تلك العادة المتأصلة في نفوس العرب، وأن يتناول المعول لهدمها بنفسه، كما قدر له أن يهدم أصنامهم بيده لأول مرة، عند فتح مكة وكما هو شأنه في جميع ما نهى عنه من عاداتهم) (١).
ثامنًا [*]: المدارس التي تأثر بها الشيخ في تفسيره:
هذا هو جانب من تفسير الأستاذ الإمام يوضح منهجه، وهو بحق تشع في جنباته الحكمة وغزارة العلم، كما تظهر فيه فطرة المسلم. وإذا كانت النماذج التي أوردتها من تفسيره، لا تظهر تأثره بعوامل خارجية، وإنما تظهر علمه وفهمه وفقهه للدين، فإن هناك جانبًا آخر، يظهر فيه بوضوح تأثر التفسير بمدارس مختلفة، بل ربما قد تبدو متناقضة وأهم هذه المدارس:
١ - الصوفية وبخاصة الإمام الغزالي رحمه الله.
٢ - السلفية وبخاصة ابن تيمية رحمه الله.
٣ - المعتزلة وأبو مسلم -رحمه الله- بخاصة.
٤ - الحضارة الأوروبية.
وسنرى لكل واحدة من هذه المدارس، أثرًا غير خاف، وهذه الآثار تتفاوت قوة وضعفًا:
١ - مدرسة التصوف:
إن أهم أثر كان في حياة الشيخ الأولى هو التصوف، فصلته بالشيخ درويش خضر، وما بثه هذا في نفس الشيخ، كان له أطيب النتائج في حياته، كما رأينا من
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: (ثامنا) ليست بالمطبوع