وهو ينقل عن الزمخشري، وأبي السعود وغيرهما، فما نقله عن الزمخشري عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالةَ بِالْهُدَى﴾ [البقرة: ١٦] حيث قال: (قال الزمخشري: فإن قبل: لم عطف بالواو عدم اهتدائهم على انتفاء ربح تجاربهم، ورُتبا معًا بالفاء على اشتراء الضلالة بالهدى؟ وما وجه الجمع بينهما -مع ذلك الترتيب- على أن عدم الاهتداء قد فُهم من استبدال الضلالة بالهدى، فيكون تكرارًا لما مضى؟ قلت: فالجواب أن رأس مال هم هو الهدى، فلما استبدلوا به ما يضادّه -ولا يجامعه أصلًا- انتفى رأس المال بالكلية، وحين لم يبق في أيديهم إلا ذلك الضدّ -أعني الضلالة- وصفوا بانتفاء الربح والخسارة؛ لأن الضالّ في دينه خاسر هالك -وإن أصاب فوائد دنيوية- ولأن من لم يسلم له رأس ماله لم يوصف بالربح، بل بانتفائه؛ فقد أضاعوا سلامة رأس المال بالاستبدال، وترتب على ذلك إضاعة الربح) (١).
ويقول عند قوله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ ﴿آل عمران: ٢٨]. قال: وليّ ومعانيه كثيرة منها المحب والصديق والنصير، قال الزمخشري: نهوا أن يوالوا الكافرين لقرابه بينهم أو صداقة قبل الإسلام أو غير ذلك من الأسباب التي يُتصادق بها ويُتعاشر...
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾
أي ومن يوال الكفرة فليس من ولاية الله في شيء يقع عليه اسم الولاية، يعني أنه منسلخ من ولاية الله رأسًا. وهذا أمر معقول؛ فإن موالاة الوليّ وموالاة عدوه متنافيان قال:

تودّ عدّوي ثم تزعم أنني صديق. ليس النول عنك بعازب
أفاده الزمخشري" (٢)
(١) تفسير القاسمي (٢/ ٥٣).
(٢) تفسير القاسمي (٤/ ٨٢٢).


الصفحة التالية
Icon