وبعد ذلك يرى أن نفي السحر عنه -صلى الله عليه وسلم- لا يستلزم نفي السحر عن غيره. ولكنه يعود فينفي السحر بقوله: (وماذا علينا لو فهمنا من السحر الذي يفرق بين المرء وزوجته، تلك الطرق الدقيقة التي تصرف الزوج عن زوجته والزوجة عن زوجها... وقد يكون ذكر المرء وزوجته من قبيل التمثيل، وإظهار الأمر في أقبح صورة، أي بلغ من أمر ما يتعلمونه من ضروب الحيل وطرق الإفساد، أن يتمكنوا من التفريق بين المرء وزوجه وسياق الآية لا يأباه) (١).
يقول صاحب الظلال بعد أن أورد أحاديث سحر النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(ولكن هذه الروايات تخالف أصل العصمة النبوية في الفعل والتبليغ، ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله صلى الله عليه وآله وسلم، وكل قول من أقواله سنة وشريعة، كما أنها تصطدم بنفي القرآن عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه مسحور، وتكذيب المشركين فيما كانوا يدعونه من هذا الإفك، ومن ثم تستبعد هذه الروايات، وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة، والمرجع هو القرآن، والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد، وهذه الروايات ليست من المتواتر، فضلًا على أن نزول هاتين السورتين في مكة هو الراجح مما يوهن أساس الروايات الأخرى) (٢).
والذي أدين الله تعالى به هو أن السحر لا يمكن أن يكون له تأثير حقيقي في شخص سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما الروايات التي جاءت في هذا المقام يمكن الإفادة منها في تصوير مدى حقد وضيق اليهود على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وهل يبعد عن اليهود مثل هذا العمل وقد استطاع الرسول الكريم عليه وآله الصلاة والسلام، أن يفوت عليهم كل ما يبيتونه لهذا الدين ونبيه وأهله، من سوء
(٢) في ظلال القرآن (٦/ ٤٠٨).