دستور كامل:

وثَمَّة شبهة أخرى يثير بعض الناس فيها لغطًا، وهي الادعاء بأن القرآن دستور كامل للحياة، ولكنه يخلو من قواعد ولوائح تفصيلية عن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية حتى الصلاة والزكاة وهما من الفروض الهامة التي يؤكدها القرآن الكريم، لذا فالقارئ العادي لا يستطيع أن يفهم كيف يمكن تسمية هذا الكتاب دستورًا كاملًا.
ومردّ هذا الخلط أن صاحب الاعتراض يُغفل جانبًا هامًّا من الحقيقة، وهو أن الله تعالى لم ينزل الكتاب فحسب، بل أرسل معه رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليشرح للناس مبادئه بممارساتها في الواقع العملي، فوظيفة القرآن الكريم أن يخط الحدود الرئيسة لكل شعبة في الحياة، دون إعطاء لوائح وقواعد، وقد أسند البناء العملي للطريق الإسلامي للحياة حسب التعاليم التي يوحيها الكتاب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وهكذا فالقرآن دستور كامل بمعنى أنه يُؤْخَذ جنبًا إلى جنب مع السنّة النبوية العطرة.
ثم عرض مسألة أخرى تحير الألباب وترهق العقول -كما يقول- وهي اختلافات تفسير القرآن، فالقرآن الكريم نهى الناس أن يختلفوا فيه، وتوعد من يختلفون فيه سوء العذاب، ومع ذلك فإننا نجد أقوالًا مختلفة في تفسير القرآن الكريم؟
وأجاب عن هذه المسألة بأن تفسير القرآن الكريم لا بد له من ضوابط، بيّنها العلماء، فإذا تحققت هذه الضوابط فقد يكون الاختلاف اجتهادًا تحتمله آيات القرآن الكريم، ومن هنا اختلف المفسرون، وقد تكون أقوالهم كلها محتملة في فهم الآية الكريمة (١).
(١) ينظر: المرجع السابق، ص ٢٥ - ٢٥.


الصفحة التالية
Icon