أي من السورتين، وهناك رواية غريبة جدًّا تَذكر أنهما وقعا قبل البعث بسنة واحدة. وفي الروايات والأحاديث التي ذكرت الحادثين، روايات فيها أشياء عجيبة غريبة، مثل رواية العجوز التي دعت النبي إليها في طريقه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومثل جمع الله جميع الأنبياء في المسجد الأقصى، وصلاة النبي بهم إمامًا، ومثل المعراج الذي صعد درجاته إلى السماء، وفتح أبواب السماء مما فيه تقرير عادية السماء ولقائه بالأنبياء أحياءً عَلى أشكالهم الدنيوية في السموات. ومثل وصف العرش واللوح المحفوظ والأقلام والجنة والنار، ومثل طريقة فرض الصلاة ومثل شق بطن النبي - ﷺ -. هذا يوحي بالتحفظ في ربط آيات النجم التي نحن بصددها، والتي هي بسبيل وصف مشهد روحاني رباني لحادثي الإسراء والمعراج، أو قرن الحادثين في سياق واحد، ويجعلنا نرجح ما قلناه في سياق الآيات السابقة، وهو أن تلك الآيات هي في صدد المشهد الذي ذكرناه في سورة التكوير، وأن هذه الآيات هي في صدد مشهد روحاني مماثل وقع بعد ذلك، ولا نستطيع أن ندرك كنهه، وليس عندنا دليل قطعي يساعد على توضيح مداه، وبخاصة المقصود من سدرة المنتهى وجنة المأوى" (١).
ولقد اضطررت أن أنقل هذا الكلام مع طوله، لما فيه من عجب واستغراب ومع أنني لست الآن بصدد مناقشة المفسر حول آرائه في التفسير إلا أن ذلك كان أمرًا لا بد منه لتعلقه بما نحن بصدده.
لقد خلط المفسر الفاضل بين غث الروايات وسمينها وصحيحها وضعيفها، هذه من ناحية، وحاول من ناحية ثانية تحديد نزول الآيات وسنيها. وذلك إنما هو منه تخمين، لا يستند على أمر قطعي، فهل من الضروري أن تنزل سورة كسورة النجم دفعة وحدة؟ ألم ينزل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)﴾ [الأنفال: ٣٠] في سورة الأنفال وهي مدنية، تحدثت عن غزوة بدر، مع أن الآية تشير إلى ما كان من المشركين في مكة قبل الهجرة، وعلى فرض التسليم بنزول آية النجم مبكرة، فلم

(١) التفسير الحديث، ج ١، ص ٢١٩ - ٢٢٠.


الصفحة التالية
Icon