سورة التكوير:
يقول: "السورة فصلان: الأول في صدد يوم القيامة، وهول أعلامه وحساب الناس فيه ومصائرهم، والثاني في صدد توكيد صدق ما أخبر به النبي - ﷺ - من صلته بوحي الله وملكه، ونفي الجنون عنه وصلة الشيطان به. والفصلان على اختلاف موضوعيهما غير منفصلين عن بعضهما، والمرجح أنَّها نزلا متتابعين فوضع الواحد بعد الآخر" (١).
وبعد بيان معاني مفردات الفصل الأول، يقول: "تشير الآيات إلى قيام القيامة أو اليوم الآخر، وما يكون حينذاك من انقلاب وتبدل في نواميس الكون كانمحاق ضوء الشمس وانطفاء النجوم وتسيير الجبال... إلخ"، ثم يقول تحت عنوان (تعليق على جملة "إذا الصحف نُشِرَتْ"): وبمناسبة آية ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠)﴾ [التكوير: ١٠] نقول: إن هذا المعنى قد تكرر بأساليب متنوعة في القرآن، وقد ذكر في بعض الآيات أن لله على الناس مراقبين يكتبون ما يفعلونه، وأن ما يكتبونه هو صحف أعمال الناس، التي تنشر يوم القيامة وتوزع على أصحابها، وتعطى للناجين بأيمانهم وللخاسرين بشمالهم... ولما كان الله عز وجل غنيًّا عن كلّ ذلك، لا يعزب عنه شيء، فالذي يتبادر منه - مع ما ينطوي فيه من حقيقة إيمانية، ومع دخول ذلك في نطاق قدرة الله - أنه بسبيل الإنذار والترهيب والوعيد بأسلوب من الأساليب، التي اعتادها الناس في الدنيا، من تسجيل الأحداث وإبراز التسجيلات في مقام الإثبات والإفحام... وأن هذه الآيات وأمثالها من الوسائل التدعيمية التي يجب أن لا تتجاوز غايتها (٢).

(١) التفسير الحديث، ج ١، ١٢٥.
(٢) التفسير الحديث، ج ١، ص ١٢٥. ونحن لسنا مع المؤلف فيما ذهب إليه من أن هذه جاءت على أسلوب مما الله الناس في دنياهم، كما أنَّها ليست من الوسائل التدعيمية كما ذهب إليه.


الصفحة التالية
Icon