يقوم على ركائز الحق والصدق والواقعية ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (١٠٥)﴾ [الإسراء: ١٠٥].
وكونه كتاب موعظة، مبينًا فيه عظمة الله وقدرته، وأنه تعالى مستحق للعبادة، كل هذا لا يعني أنه ليس بصدد تقرير الحقائق الثابتة بل إنه يستلزم أن تكون مقرراته حقائق ثابتة، ذلك أنه كتاب الله للإنسان ما دامت الحياة، وليس كتابًا يناسب أفهام الذين نزل في عصرهم فحسب، كما ادعى مفسرنا، وهذا من أبواب إعجازه.
ثم لا أدري كيف طاوعته يده، أن يكتب تلك الكلمات، واصفًا ما جاءت به الآيات، بأنه على سبيل التقريب والتمثيل والتذكير بقدرته تعالى وعظمته، أكثر من قصد تقرير المدة والكيفيات لذاتها. لأن ما قاله لا يشترط لسرد هذه الأعداد، وتلك الكيفيات، وهذه الاحتمالات، كان السيد دروزة في غنى عنها، ما دام يقدم عليها أو يتبعها بوجوب الإيمان بكل ما جاء في القرآن مما فهمنا كنهه أو لم نفهم، وهذا هو صميم منهجه كما يدعي.
إذن فما معنى هذه التقريرات والاحتمالات، إلا أنها ضرب من التزيد، الذي كان صاحبنا في غنى عنه! ! هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن في هذه الكلمات، فقدانًا للحكمة فيما جاء به النص القرآني، من صور وأعداد وحقائق، مثل ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت: ٩] ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ [فصلت: ١٠] و ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٩] و ﴿سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [الأعراف: ٥٤] وغيرها كثير.
٣ - رأيه في السحر:
أما رأيه في السحر، فهو يذكر أن سورة الفلق، قد قررت شرًّا للنفاثات أو الحاسد، فيقول (١): "وننبه على أن السورة، ليست بسبيل تقرير قدرة النفاثات في العقد، على إرادة النفع والضرر، ولا تأثير الحاسد في المال والنفس والولد". ويحاول أن يدفع القول بمدنية هذه السورة، ويقول في الأحاديث الواردة في صدد سحر