﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٩] حيث يقول: "وقد اختلف القول في الجلباب، ومفهوم إدنائه، وأوجه الأقوال في الجلباب هو الملاءة أو العباءة، التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، أما الإدناء فمن المفسرين من قال: إنه تغطية الرأس والوجه، ومنهم من قال:

إنه ليس تغطية تامة للوجه " فهو يدعي الإجماع أولًا، ثم ينقضه بتفصيل الخلاف ثانيًا.
استطراد:
وما دام البحث قد ساقنا إلى الحديث عن الجلباب، والنقاب، وآيات الحجاب، فيحسن بنا أن نشير إلى ما يراه الأستاذ دروزة، بخصوص حقوق المرأة وأهليتها للمشاركة في الحقوق العامة والنيابية خاصة. ومعروف عن الأستاذ دروزة أنه قصد بتفسيره، عرض القرآن الكريم بكامله بعد أن عرض فصولًا حسب موضوعاته في كتبه الثلاثة عصر النبي - ﷺ -، وسيرة الرسول - ﷺ -، والدستور القرآني في شؤون الحياة. وقصد إظهار حكمة التنزيل ومبادئ القرآن ومتناولاته عامة، متجاوبًا مع الرغبة الشديدة الملموسة عند كثير من الشباب، الذين يتذمرون من الأسلوب التقليدي ويعرضون عنه، الأمر الذي بت الصلة بينهم وبين كتاب دينهم المقدس، وهذا ما يقرر الأستاذ دروة في مقدمة الجزء الأول من التفسير. وكأني به يعاني ضغوط الشباب الذي انبهر بكل ما جاءت به الحضارات المستوردة من أفكار ومبادئ ومفاهيم، فهو وبوازع الحرص على سلامة عقيدة هؤلاء الشباب، نجده يتنازل عن أشياء كثيرة، ويتخذ سبيلًا معينًا للاستطراد، الذي يعيبه هو نفسه على غيره من المفسرين، فنجده يقرر "بأن قوامة الرجل على المرأة إنما هو في الحياة الزوجية" ويقول (١): "ونستطرد إلى ما يقال ويثار حول اشتر اك المرأة في الانتخابات والمجالس النيابية، وما يدخل في بابها. إن هذا مما يختص مع ما ذكرناه من أهليتها
(١) ج ١٠، ص ٤٦.


الصفحة التالية
Icon