وحقوقها السياسية والاجتماعية التي قررها لها القرآن"... ويقول (١) عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ الآية ما نصه "وواضح مما تقدم أنه ليس في هذه الآية، كما أنه ليس في القرآن ولا في السنّة الثابتة، مما يمنع خروج المرأة من بيتها سافرة الوجه واليدين، لقضاء حاجاتها وممارسة شؤونها على اختلاف أنواعها، مما يدخل فيه تلقي العلم وغشيان المدارس والمساجد وشهود الاجتماعات العامة، والاتجار والتكسب والعمل، والمشاركة في الأعمال والواجبات الرسمية، والاستمتاع بنِعَم الطبيعة. وهو ما قرره لها القرآن حين قرر لها الأهلية السياسية والشخصية والحقوقية الاقتصادية والاجتماعية، والمشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير والتكافل والتضامن، وخاطبها بكل ما خاطب به الرجل من تفكر وتعقل، وتدبر في كتاب الله وآياته وكونه، وكلفها بكل ما كلف به الرجل، من واجبات وتكاليف إيمانية وتعبدية واقتصادية وسياسية واجتماعية وشخصية، ورتب لها وعليها كما رتب للرجل وعليه من النتائج الدنيوية والأخروية، على قدم المساواة، مما مرت مؤيداته وشروطه في مناسبات كثيرة سابقة".
هذا وفي الوقت الذي نجد فيه السيد دروزة، يقول بسكوت القرآن عن حرية المرأة في النشاط الاجتماعي والسياسي. يقول بعد ذلك: "فلا يعني -أي سكوت القرآن- ذلك أنها محرومة من حقها في ذلك، بدون قوامة الرجل أيضًا، بدليل أن القرآن خاطبها بكل ما خاطب به الرجل، ورتب عليها كل ما رتب على الرجل" (٢).
وبعد كل هذا يعود الأستاذ دروزة، ليستدرك قوله فيشترط شروطًا، يعود فيها إلى رأي الجمهور، وكأنه ينفض عنه كل ما بثه ونشره في المساحات المختلفة من التفسير، من مثل تلك الآراء الشخصية. ويحسن بنا أن نسجل للأستاذ دروزة هذه الاستدراكات:
(٢) التفسير الحديث ج ٩، ص ٧١.