تضمن الحرية والسلامة للمسلمين، والحرية والانطلاق للدعوة، ويمتنع الأذى والعدوان على المسلمين والإسلام، وظل هذا المبدأ محكمًا إلى النهاية".
٣ - ويخلص إلى القول بعد إيراده لآيات القتال في سورتي الحج والبقرة، بأن المسلمين لا يحق لهم أن يقاتلوا إلا من اعتدى عليهم وظلمهم، وأن الفتنة في آيات البقرة، يقصد منها إرغام المسلمين على الارتداد عن الإسلام. أما آيات سورة براءة فإن الاستثناءات الواردة فيها، حصر القتال في المشركين المعتدين والناكثين فقط، وليس كما ادعى المفسرون بأنها عامة في جميع المشركين. أما قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ... ﴾ [التوبة: ٥] فليس هو المخرج الوحيد لعدم قتالهم كما يتوهم، بل هناك مخارج أخرى، كعدم اعتدائهم علينا أوانتهائهم عن العدوان بعد قتالهم. ويذكر المفسر مسألتين عند تفسيره لهذه الآية الكريمة:
١ - إن الاستثناء الوارد في الآية: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ﴾ [التوبة: ٤] محدود بانقضاء مدة العهد. فهل يكون المعاهدون من المشركين، حين انقضاء هذه المدة، موضع براءة الله ورسوله ويجب قتالهم؟ ويقول بأن المفسرين أجابوا على هذا السؤال بالإيجاب، أما هو فلم يطلع على أثر نبوي وثيق في هذا الصدد، مما يجعله يتوقف فيما قاله المفسرون، بل ربما يرجح غير ما ذهبوا إليه. فهو يقسم هؤلاء المعاهدين إلى أعداء قبل المعاهدة، وغير أعداء، وأنه ليس في آيات القتال ما يمنع تجديد العهد مع كلا الفريقين إذا رغبوا، ولم يكن ظهر منهم نقض ولا غدر، وليس للمسلمين أن يرفضوا ذلك، لأنهم أمروا بقتال من يقتلهم ويعتدي عليهم.
ب- ويذكر في المسألة الثانية، أنه ليس هناك ما يمنع من تجديد العهد مع الناكثين بعد الحرب ثانية، إذا كانت مصلحة المسلمين تقتضي ذلك. ثم يذكر أن آيتي سورة النساء والممتحنة، نص صريح حاسم على أن الله لم يجعل للمسلمين سبيلًا على من يسالمهم، فالله يقول: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ


الصفحة التالية
Icon