﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾. الروح والعرش إذن شيء واحد في رأي الأستاذ دروزة. سبحان الله لا بد من تصحيح الروايات التي شك فيها بعض الحفاظ ولا بد من قلب مفاهيم اللغة، لا لشيء ولكن من أجل موافقة الإصحاحات فحسب! ! والحديث الذي ذكره أخرجه الإمام مسلم، ولكن الإمام البخاري وكثيرًا من المحدثين أنكروا هذا الحديث، لأنه يتعارض مع أي القرآن الكريم (١).
لم يتعرض المفسر لكثير من مبهمات القرآن، ولعل سبب ذلك يرجع إلى اعتماده على أسفار أهل الكتاب، فإذا وجد في هذه الأسفار ما يفسر تلك المبهمات ذكر ذلك، وإن لم يجد، فإنه يترك هذه المبهمات دون التعرض لها.
يظهر هذا عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿قَال الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [النمل:. ٤٠]، فمع أنه لم يذكر شيئًا عن تفسير الآيات إلا أنه بيَّن أن هذه لم ترد في الكتب السابقة.
لكن الذي يلفت الانتباه، ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (٨٢)﴾ [النمل: ٨٢] فمع أنه يذكر أولًا بأن هذا سيكون بين يدي الساعة، إلا أنه يخلص إلى القول بأن ذكر الدابة يحتمل أن يكون مما عرف في بيئة النبي - ﷺ -، أي مما كان متداولًا بين العرب قبل القرآن، ولعل هذا إنما عُرف من اليهود الذين نقله العرب عنهم.
وليت الأستاذ دروزة وقف عند هذا الحد، لكنه ناقض ما قاله أولًا، من أن هذا سيكون بين يدي الساعة، فيقرر أن الضمير في قوله: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ هو في الآية يرجع إلى كفار العرب في عهده - ﷺ -، وأن كثيرين منهم قد أسلموا، وأن الذين لم يسلموا قد ماتوا، فإذا لا يمكن أن يحييهم الله لتكلمهم هذه الدابة.