بالتشهّي، وهذا لا يقول به أحد، وإنما المرادف المسموح به هو الثابت عن النبي - ﷺ - تواترًا لا غير" (١).
٣. منسوخ التلاوة:
وقد اضطربت عبارة ابن عاشور في هذا النوع بين القبول والرفض، حيث قال بادئ بدء عند قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦]، قال: "ومما يَقِف منه الشعر ولا ينبغي أن يوجّه إليه النظر ما قاله بعض المفسرين في قوله تعالى: ﴿نُنْسِهَا﴾ إنه إنساء الله تعالى للمسلمين للآية أو السورة، أي: إذهابها عن قلوبهم، أو إنساؤه النبي - ﷺ - إياها، فيكون نسيان الناس كلِّهم لها في وقت واحد دليلًا على النسخ، واستدلوا لذلك بحديث أخرجه الطبراني بسنده إلى ابن عمر قال: قرأ رجلان سورة أقرأهما إياها رسولُ الله - ﷺ -، فقاما ذات ليلة يصلِّيان، لم يَقْدِرا منها على حرف، فغديا على رسول الله - ﷺ -، فذكرا ذلك له، فقال لهما: "إنها مما نُسخ وأُنسي، فالْهُوَا عنها" (٢). قال ابن كثير: هذا الحديث في سنده سليمان بن أرقم، وهو ضعيف (٣). وقال ابن عطية: هذا الحديث منكر، أغرب به الطبراني، وكيف خفي مثله على أئمة الحديث! والصحيح أن نسيان النبي - ﷺ - ما أراد الله نَسْخه ولم يُرد أن يثبته قرآنًا جائز. أي: لكنه لم يقع" (٤).
ثم قال: "وأما ما ورد في "صحيح" مسلم عن أنس قال: كنا نقرأ سورة نشبّهها في الطول ببراءة فأُنْسِيتُها غير أني حفظت منها: "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثًا، وما يملأ جوف ابنِ آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب". اهـ.
(٢) حديث الطبراني في ١٢/ ٢٨٨ رقم ١٣١٤١. وذكره في مجمع الزوائد، ٦/ ٣١٥، وفيه سليمان بن أرقم، وهو متروك.
(٣) التفسير، ١/ ١٤٩.
(٤) التحرير، ١/ ٦٦٢.